تقرير مناقشة أطروحة دكتوراه: النسق والتأويل في الخطاب السينمائي مقاربة سيميائية للمنجز الفيلمي لحكيم بلعباس
قئة المقال: | تقارير |
---|
نوقشت اليوم الإثنين 29/06/2021 بالكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية أول أطروحة دكتوراه يحتضنها مركز الدكتوراه: التكامل المعرفي في اللغة والآداب والعلوم، تكوين الخطاب وتكامل العلوم والمعارف.
وهي أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في اللغة العربية تقدم بها الطالب الباحث: أفقير المصطفى، تحت إشراف الأستاذ الدكتور عبد الله بريمي، بعنوان: “النسق والتأويل في الخطاب السينمائي مقاربة سيميائية للمنجز الفيلمي لحكيم بلعباس: فيلم خيط الروح نموذجا”، وكان ذلك في جلسة عمومية ابتداء من الخامسة مساء إلى العاشرة إلا ربع، بالمدرج(هـ E).
وقد تكونت لجنة المناقشة من السادة الأساتذة:
- الدكتور عثمان بيصاني (الكلية المتعددة التخصصات، الرشيدية) رئيسا.
- الدكتور عبد الله بريمي(الكلية المتعددة التخصصات، الرشيدية) مشرفا وعضوا.
- الدكتور المصطفى عمراني (كلية الآداب والعلوم الإنسانية سايس، فاس) عضوا.
- الدكتور سعيد كريمي (الكلية المتعددة التخصصات، الرشيدية) عضوا.
- الدكتور عبد الرحمن التمارة (الكلية المتعددة التخصصات، الرشيدية) عضوا.
- الدكتور حميد تباتو (الكلية المتعددة التخصصات، ورزازات) عضوا.
وهذا تقرير يلخص مجريات المناقشة:
افتتح الدكتور عثمان بيصاني رئيس الجلسة المناقشة بترحيبه بالحضور، لمناقشة أول أطروحة دكتوراه بالكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية التي فتحت أبوابها سنة 2006، ثم أعطى الكلمة للطالب الباحث أفقير المصطفى ليقدم ملخص بحثه. ومن أهم النقاط التي تناولها فيه:
بعد شكره لمشرفه وأعضاء لجنة المناقشة وعائلته وكل أطر الكلية، رحب بالحضور ومنهم المخرج السينيمائي حكيم بلعباس. ثم انتقل لعرض موضوع أطروحته، منطلقا أولا من إشكالية البحث والتي تجسدت في الأسئلة التالية: لماذا خطاب السينما؟ لماذا سينما حكيم بلعباس؟ وكيف يبني الخطاب السينمائي المعنى وينتج سيرورة تأويلية تكشف أنساقا ثقافية تخترق تمفصلاته؟
ثانيا انتقل إلى عرض دوافع اختيار البحث الموضوعية منها والذاتية. ثم ثالثا أهداف البحث: من النسق السيميائي الفني إلى الثقافي. ورابعا: منهجية البحث: وقد اعتمد النظر المنهجي السيميائي التأويلي.
خامسا: هيكل الأطروحة والتي تقوم على ثلاثة أبواب:
- الباب الأول: الإطار النظري والمنهجي
- الباب الثاني: النسق السيميائي الفيلمي
- الباب الثالث: الأنساق الثقافية (الكون السينمائي)
سادسا: خلاصات ونتائج
وقد انتقى الباحث اللقطات المفتاح من الفيلم وقام بتحليلها، ومنها صورة الأقفاص الستة للطيور، وترمز للحكايات الست في الفيلم.
في هذا البحث وسم الباحث سينما بلعباس امتدادا لإنسان الهامش (الفقر، التهميش، الاختفاء القسري…)، معتبرا مجمل أفلام المخرج نفسه تحكي تاريخه. مستثمرا الذاكرة وفضاء “بجعد” التي تجمع بين ما هو ذاتي وجمعي.
سابعا: آفاق البحث
في الأخير عرض الباحث الآفاق المرجوة من بحثه ومنها تأكيده أن السينما تتجاوز النمط التلفزيوني القائم على الفرجة. وأن الجامعة يجب أن تسهم بدورها في تدريس الصورة والسينما لمواجهة الأمية الأيقونية، لما يتمتع به الخطاب المرئي اليوم من وثوقية.
وبعد هذا الملخص الذي تقدم به الطالب أمام لجنة المناقشة، فتح السيد الرئيس باب المناقشة.
1/ كلمة المشرف الدكتور عبد الله بريمي: أكد في البداية أن لجنة المناقشة تلامس بعمق التخصص الدقيق للطالب فشكرهم لقبولهم المناقشة، كما عبر عن السعادة التي تغمره لرؤيته نتاج الكلية بمناقشة أول أطروحة دكتوراه يحتضنها المركز والمختبر.
كما احتفى الدكتور بريمي بحضور ثلاثية الإبداع في هذه المناقشة من خلال المخرج والقارئ الناقد الباحث ونقد النقد الذي تجسد في اللجنة، فذاك درس الأدب والإبداع تجسد أمام الحضور.
منبها الجميع أنه في سيرورة المعرفة الإنسانية لا وجود لليقين مستشهدا بقول المعري:
“أمّا اليَقين فلا يَقـــين وإنّمَا أقصَى اجتهادي أن أظُنَ وأحدِسَا”
ذاكرا أيضا أن الصورة تشخص التجربة الإنسانية، وأن المحكيات في السينما أطول عمرا من التاريخ. وفي الأخير ختم بقوله القناعة في العلم كنز لا ينفع.
2/ الدكتور المصطفى عمراني:
شكر الأستاذ عمادة الكلية وشكر كذلك المخرج الذي شكل حضوره قيمة رمزية للجنة وللباحث، وأنه في تجربته قطع الواقع تقطيعا إبستيمولوجيا. لذلك فإن اختيار الطالب له نموذجا للدراسة كان موفقا، وأيضا اختياره للكون السيميائي، فهذا الفيلم هو كون سيميائي أعلى فيه المخرج صوت الهامش من المغلوبين والفقراء…وأن ما يرمي إليه الباحث هو الحفر الأركيولوجي في السينما في إطار توجه سيميولوجي للثقافة.
وأثنى الدكتور عمراني على أطروحة الطالب ومجهوده فيها من نواحي متعددة ومنها تنوع المصادر والمراجع وشعرية العناوين ودقة المصطلح ومجانبة الحشو والإطناب وتناسق الأجزاء، لكن ذلك لا يمنع وجود بعض الأمور التي تحتاج تعديلات كما اقترحها الدكتور ومنها إعادة هيكلة العنوان مقترحا عنوانا مباشرا هو “النسق والتأويل في الخطاب السينمائي مقاربة سيميائية لفيلم خيط الروح نموذجا”.
وكذلك نبه إلى تجنب الخلط بين البنيوية والتي تستهدف النص المغلق من جهة، ومن جهة أخرى السميائيات التي تنفتح على عوالم واسعة مثل عالم الثقافة. ومنه أيضا شدد على ضرورة معرفة المنعطفات التاريخية لهذه العلوم والتوجهات (اللسانيات، السيميائية، التأويلية الثقافية…)، ونبه إلى استعمال مصطلحي السيميوس والعلامة لأن ذكر المصطلحين معا يشي بوجود الفرق بينهما.
ومنح الباحث والحضور أيضا معلومات متنوعة حول موضوع الأطروحة خاصة فيما يرى أن على الطالب تصويب رأيه فيها، منها أن اللسان هو أرقى الأشكال السيميائية، وأن رولان بارت نقل المفاهيم السوسورية من البعد اللساني إلى السيميائي.
وأن حركية السيميوزيس عند بورس تبدأ بالماثول بالشكل التالي: (الماثول/ الموضوع/المؤول)، فهو ينطلق من الممكنات ثم يربطها بالموضوع وأخيرا التأويل، مثال ذلك:
الأحمر (الماثول) الموضوع (الوردة الحمراء، أو الإنسان الجريح) التأويل (الحب، الاستشهاد).
وفي إطار ذلك لابد من ذخيرة موسوعية لقراءة أي عمل فتلك الخلفية المعرفية مهمة.
نبه الدكتور عمراني الباحث إلى أن مفاهيم إيكو في تطبيقه لها تحتاج قراءة أكثر لتعديلها أو حذفها من مثل مفهوم العالم الممكن والقارئ النموذجي، في مقابل أن الطالب كان موفقا في تشريح الكون السينمائي.
وختم الدكتور عمراني كونه مثل المشرف فخور بالأطروحة وأنها بحث أكاديمي متميز الإخراج، وأن الباحث فقه لغة الأيقون فأبدع واستحق كل التنويه.
3/ الدكتور سعيد كريمي منسق ماستر المسرح وفنون الفرجة
في البداية شكر المخرج حكيم بلعباس الذي تجشم عناء السفر من الولايات المتحدة الأمريكية، وأشار إلى الحضور القوي للمسة المشرف، تتبدى على المستوى المنهجي والشكلي في إخراج الأطروحة بشكل جميل، وأن هذا العمل يفرض نفسه، مما منحه متعة أثناء قراءة الأطروحة، بما تتمتع به من لغة جيدة أبانت عن تمكن الباحث من اللغة العربية. كذلك نوه بطغيان الطابع التطبيقي على البحث، (كلا الفصلين الثاني والثالث) شكل ذلك نقطة قوة للبحث.
أما عن ملاحظات الدكتور كريمي فمنها كون المسرح أدب وفن وليس جنسا أدبيا كما في الكتابات المدرسية. فالنص في المسرح يمثل فقط 10 %وفي بعض المسرحيات قد يُتجاوز. مشيرا أيضا إلى أن المقدمة آخر ما يكتب من البحث. وأن خاتمة هذه الأطروحة غير كافية. وفي مسألة المصادر والمراجع هناك خلط بينهما، والقرآن الكريم في اللائحة يعلو ولا يعلى عليه.
يعتبر الدكتور كريمي أن هذا الفيلم هو سيرة ذاتية مقنعة للمخرج، الذي كسر بفيلمه هذا ذاك الطابع الكولونيالي الطاغي على الفيلموغرافية المغربية فرد الاعتبار لمنطقة الظل التي لم تكن تصلها كاميرا المخرج مشكلا صدمة جمالية لدى المتلقي الناقد، موظفا الجنون للإطلال على بعض العوالم اللامرئية والتي لا يراها إلا ذاك المجنون المتحرر من اتفاقات المجتمع. لذلك نجد المخرج يستعين بالمؤدين أكثر من الممثلين لتجنب التكلف ولأن وقع المؤدي أحيانا يفوق الممثل وهي موجة جديدة في سينما اليوم. خاتما بكون العمل أطروحة متميزة.
4/ الدكتور عبد الرحمن التمارة
لغة الأطروحة سليمة من الأخطاء اللغوية ما عدا من بعض الهفوات مثل استعمال “أو” بدل “أم” الدالة على التسوية في تعبير (سواء….أم….).
أكد الدكتور التمارة أن الأفكار الفلسفية للباحث والخلفية الفكرية جنبته القراءة المدرسية البسيطة المختلفة عن النقد الأكاديمي. مما أنتج جودة التحليل وقوة التعبير. وأنه في البحث عموما من الضروري الاستعانة بالآراء المدعمة “أنا أفكر من خلال مجموعة من الآخرين”.
وقد وجه الدكتور كلمته للباحث ولجميع الطلبة بقوله “قد يكون الحماس متوفرا، لكن التناول المعرفي النقدي لكل موضوع يبقى مشروطا بمداخل خاصة بدراسته، ويبقى مركزها الالتزام بمدخلات علمية. قد يكون التراخي، قد يكون الاندفاع ورفع سقف التوقعات إلى مستويات عليا، إلا أن الممارسة التحليلية هي الفاصل لأنها تكشف عن مسافة أرقى بين الإنجاز والتصور والتفكير، بهذا المعنى ليس النقص مهما في تقديري، لأن وجود كل تجربة بحثية في اللغة، في التركيب، في الجمل، في الصيغ، في بناء إشكالية الأطروحة… بل الأهم هو تقبل معرفة النقص بروح علمية عالية لأن ذلك مقدمة أولية لتجاوزه”.
5/ الدكتور حميد تباتو
فرح الدكتور تباتو بحضوره في الجنوب الشرقي لمناقشة أطروحة الدكتوراه هذه التي حول السينما، وفي نفس السياق أشار إلى أن الباحثين في السينما يبحثون عن مؤازرة بعضهم البعض لما يحسونه من غربة في مقترحات البحوث داخل الشعب المتنوعة. فقلما نصادف بحوثا حول السينما في القانون ّأو الاقتصاد … أما عن ملاحظات الدكتور فهي:
استهل قوله كون التسرع يضر البحث في بعض الأحيان. وأنه لا يصلح لك -مخاطبا الباحث- في هذا المقام الأكاديمي أن تكتب بلغة الشعر (صهوة التقنية، مشتل المعنى، الزهرة، الصبار…)، فلغة الناقد الأكاديمي لها خصوصيتها. أماعن هندسة الأطروحة فهي تحتاج قياسا دقيقا لحجم كل قسم ومدى توازن البناء.
وشدد الدكتور تباتو أن البئيس هو الاستعارة بالواسطة في المصادر الأساسية، فأين الجهد المبذول في العودة بشكل مباشر للأصل الفرنسي أو الإنجليزي. وأنه تم إغراق الأطروحة بما لا تحتاجه أحيانا مما انعكس سلبا على بعض جوانبها. تعود لأشياء وتفاصيل أنت في غنى عنها، الأهم هو الإتيان بالإضافة لتصيير الأطروحة مرجعا أساسيا. فالبحث انتقاء وتحمل للمسؤولية، وفي مسألة المصطلح ضروي الرجوع لمعاجم مختصة في المجال. كما أن إعلان منهجية ثم التراخي في تطبيقها أمر غير مقبول فمن البداية تعلن أنك ستنفتح على علم الأنثربولوجيا. كما وجه الطالب إلى مجموعة مقترحات لكتب هي أساسية في القضايا المطروحة داخل الأطروحة.
ومن جهة أخرى وجه الدكتور كلامه للطالب أنه ربما التحرير أخذ منك وقتا متقطعا مما يبرر تناقضك مع نفسك في بعض الأحيان، بيد أن تحرير الأطروحة يحتاج خطا متصلا، ليس مثل مراحل سابقة من جمع المادة والقراءة. كما أنك أحيانا تخضع للتأويلات الجاري بها العمل دون تبرير. وأنه في استعمال المفاهيم يجب أن تكون حذرا مثل مفهومي الفضاء السينمائي والمكان.
وأيضا وصفت في مقطع معين البيت بالقبو أو القبر وهو حكم قيمة ذاتي. وأن الخاتمة خالية من أفق البحث والتي تعد أمرا مهما لأنها مشروع الأطروحة وامتدادها. كما أكد الدكتور ضرورة ضبط الإحالات، وكذلك تعميق استثمار نصوص مؤسسة وجب استدعاؤها دون إحالة بالواسطة. وفي الأخير نوه بمجهودات الباحث.
وقد توجت المناقشة بتنويه اللجنة بالأطروحة ومنح الطالب ميزة مشرف جدا مع التوصية بالطبع بعد إجراء التعديلات المقترحة.
تعليقات