فعاليات اليوم الثاني من الندوة العلمية الدولية المهنية في التربية والتعليم بين الواقع والآفاق

قئة المقال:تقارير

تمّ صباح اليوم الأربعاء 1 أوت 2018 افتتاح فعاليات اليوم الثاني من الندوة العلمية الدولية “المهنية في التربية والتعليم بين الواقع والآفاق” تحت إشراف الجمعية التونسية للجودة في التربية بالإشراك مع مخبر الجمعية للبحث العلمي في علوم التربية والتكوين والتعليم

الجلسة العلمية الثالثة برئاسة الأستاذ بلقاسم بلغيث (تونس) ويشارك فيها الأستاذ علي الأحمدي (السعودية) بورقة علمية عنوانها “التجربة السعودية في بناء المعايير المهنية لمعلمي العلوم” تحدّث من خلالها على التجربة السعودية في إصلاح التعليم. مبرزا المبادرات الاستراتيجية المتعلقة بالمعلم. ومن أهداف هذه التجربة تحسين استقطاب المعلمين وتطوير عمليات الإعداد والتأهيل وتطوير نظام لتمهين مهنة التعليم ووضع معايير مهنية للمعلمين والتبادلات التربوية وتطبيقها. كما قامت هذه التجربة على رفع المستوى المهني للمتعلمين. كما عرف الباحث بالتجربة السعودية وأهم مجالات معايير معلم العلوم مبرزا واقع تطبيق هذه المعايير وجهود الإصلاح وتطوير التعلم في المملكة العربية السعودية

وتطرق الباحث أن  بناء هذه المعايير  تم وفق المراحل التالية:

الإعداد النظري والإجرائي أشرفت عليه كفاءات وطنية ذات خبرات دولية

-تحكيم الإطار النظري من قبل المختصين

-تشكيل لجان وفق مواصفات تربوية تقوم بالخصوص على معرفة بالطالب وكيفية تعلّمه وكذا مواصفات تخصصية قائمة على الفهم والمعرفة وضرورة امتلاك مهارات علمية.

أمّا المداخلة الثانية فكانت بورقة الأستاذ الأستاذة فاطمة الجربوعي (تونس) وعنوانها “مهنية المدرس التونسي بين الواقع والمنشود” تناولت من خلالها أهمية المدرّس في النصوص وعلاقتها بالتنمية معتبرة أن المدرسة  المحرّك الأساسي في المجتمع. وتعرضت الباحثة إلى أهم شروط نجاح المدرّس مثيرة سؤال “هل التعليم مهنة شانها شان بقية المهن؟

كما تعرّضت الباحثة إلى أهم صعوبات المعلم في تونس وأهم واجباته مبرزة أهم شروط المعلم الناجح. وتعرّضت الباحثة إلى اضطرابات المنظومة التعليمية  في تونس داعية إلى ضرورة تحويل المؤسسة التربوية مجالا حيويا للمدرس وإيلاء أهمية كبيرة للمدرس مطالبة بتحسين وضعية المدرسة العمومية .

والمداخلة الثالثة كانت للأستاذة زهية الطرشي (الجزائر) بعنوان “المدرس الناجح في العملية التعليمية التربوية : أهم صفاته وكفاياته المهنية” تناولت بها شروط المسؤول الأوّل على حمل رسالة العلم واهم صفات المعلم الناجح. وتعرضت الباحثة أيضا لآليات تنمية قدرات الملعم الإبداعية مبرزة أهم الصفات والشروط التي يجب أن تتوفر في المعلم الناجح حتى يتحقق ما يعرف بمثلث العملية التربوية القائم على المعلم والمتعلم والمحتوى.

ومن أهم صفات المعلم التي ذكرتها الباحثة:

احترام الوقت وعدم التمييز بين التلاميذ والقدرة المهنية وكذا سيادة الأستاذ وغيرها من الشروط المهمة. وتعرضت الباحثة إلى أهداف تكوين المعلم والمتعلم باعتبار أن المعلم هو عالم بيداغوجي بيداغوجيا الكفايات وهو صاحب القرار ولا يجب أن يلتزم فقط بتنفيذ التوجهات مبرزة أهم الخطط اللازمة لتحقيق كل الأهداف المرغوب فيها من كل مادة .

المداخلة الرابطة للأستاذة ريم زروق عنوانها “تمهين التدريس ورهان الإصلاح فيالمنظومة التربوية والتعليمية “(تونس) تعرضت فيها لمسألة تمهين التدريس وأشكال تبلوره وأهمية التعليم في التغيير والنهوض بالتنمية والمسار الإصلاحي. وتعرّضت الباحثة إلى الذكاء الأداتي للمعلم في التعامل مع المآزق أثناء العمل ورغبة المعلم في بذل أقصى جهد في حدّ التعليم. كما تعرّضت الباحثة إلى مسألة المعايير النموذجية للمعلم المنشود داعية إلى تجاوز نقائص المنظومة ودعت إلى النهوض بالتعليم باعتباره السبيل الأوحد للنهوض بالاقتصاد وبالتالي بالمجتمع.

أمّا الجلسة العلمية الثانية فكانت برئاسة برئاسة الأستاذة نعيمة الفقيه/ تونس، وقد شارك فيها؛ الأستاذ عبد الرحمان قاسي محمد/ الجزائر بمداخلة عنوانها “آليات التطوير المستمر للمعلمين”، والأستاذ يوسف عتروز/ الجزائر بمداخلة عنوانها Enseignement professionnel ? Professionnel, vous avez dit ?، والأستاذ عبد الكريم بن خالد/ الجزائر بمداخلة عنوانها ” التدريس بالكفاءات ودورها في إعداد المشروع المهني والدراسي لدى التلميذ (دراسة ميدانية على عيّنة من تلاميذ التعليم الثانوي بالجزائر)”، والأستاذ زيوش سعيد/ الجزائر بمداخلة عنوانها ” الإعداد الأكاديمي والمهني للأستاذ”..

المداخلة الأولى للأستاذ عبد الرحمان قاسي/ الجزائر، وهو أستاذ تعليم عالي له عديد من الأبحاث والمقالات المنشورة، أعلن في بداية مداخلته على أنه سيكتفي بالتركيز على نقطة معيّنة في عرضه الشفوي هي التعلّم مدى الحياة، أو التطوير المهني المستمّر ، الذي يعتبره جزءا من مسؤوليات المعلم لاكتساب مهارات يمكن استخدامها وتوظيفها.

يعرّف الأستاذ عبد الرحمان قاسي التطوير المهني بالفرص المناسبة للتعليم والتعلّم التي يُحتاج إليها للتطوير والتدريس، معتبرا أنّ التعلّم، يتلخصّ في اكتساب مهارات ومعرفة بصفة مستمرّة مدى الحياة، وتكمن أهمية التطوير المهني المستمرّ في المساهمة في تحقيق مبدأ الجودة في التعلّم الذي يعتبره عمليّة تطويرية مستمرّة مفتوحة على اكتساب خبرات جديدة ومتابعة التقدّم وتحديد احتياجاتاته.

يدعو الأستاذ عبد الرحمان قاسي من خلال مداخلته إلى ضرورة تحقي مبدأ الانسجام في البرامج التعليمية بصفة متكاملة، فالتطوير المهني عملية دقيقة تستوعب أطرافا كثيرة يجب التنسيق بينها بصفة متناسقة، معيار نجاحها التكامل الكلّي المتماسك/ التعاون الفعّال بمزج الخبرة الداخليّة والخارجيّة معا.

في ختام كلمته، أكدّ الأستاذ عبد الرحمان قاسي على أنّ المعلّم/ المدرّس يجب أن يكون معلّما قائدا يقود مشروعا فكريا حقيقيا له أهدافه وامتداداته المعرفية القابلة للتطوير والتحديث الدائم، وأن يكون المعلّم عضوا فاعلا داخل المنظومة التربوية بدل الاكتفاء بجانب الفرد السلبيّ المكتفي بالتجارب المستقلّة المنغلقة.

المداخلة الثانية للأستاذ يوسف عتروز/ الجزائر، وعنوان مداخلته Enseignement professionnel ? Professionnel, vous avez dit ? اهتم فيها بدراسة الاحترافية في التعليم، وقد أكدّ الأستاذ يوسف عتروز على أنه يسعى إلى الإجابة عن السؤال التالي:

أيّ مفهوم للتدريس/ التعليم الاحترافي؟ وماهي أبرز امتداداته وحدوده؟

افتتح الأستاذ عتروز ورقته العلمية بشرح التعليم الاحترافي لغة واصطلاحا، ولدى المحترفين والمحترفين المستقبليين، محيلا على التجربة الألمانية التي تعتبر مهنة التعليم/ التدريس مهنة نبيلة جديرة بالاحترام والعناية وفق متغيّراتها لعدم ثباتها انسجاما مع احتياجات ومقاييس العصر، مؤكدا على أنّ التعليم يجب أن يكون احترافيا.

ورغم صعوبة ضبط تعريف دقيق للتعليم لكن الأستاذ يوسف عتروز  أحال عليها بأنها فضاء لتمرير المعلومة وإرسالها للمتعلّم، ويعتبر أنّ الاحترافية تكون في مجالات عدّة متعلّقة بالاختصاص وتكون في جميع الحالات غير مقتصرة على حالة معينة، لكنّ الثابت هو ضرورة حضورها بصفة مستمرّة/ متجدّدة وفق ما يقتضيه الوضع، فالمعلّم/ المدرّس المحترف هو القادر على الاستجابة لجميع السياقات بصفة تخصّصية.

وفي تفاعل مع المداخلة السابقة أكدّ الأستاذ عتروز على ضرورة التواصل بين المعلّمين وتبادل الخبرات والتجارب متسائلا عن الأسباب التي تجعل المعلّم/ المدرّس يقتصر على تجربته الشخصية والتشارك/ التواصل هو في الحقيقة جانب احترافي يجب توفرّه في كل معلّم، معتبرا أنّ رهان الاحترافية الفعلي هو التجديد والتطوير والمواكبة والحرص على تحيين المعارف والمهارات والمناهج المعتمدة.

أحال الأستاذ عتروز على الوضعية الحالية للتعليم المتسّمة بعدم العناية وازدياد التهميش رغم ما تكتسيه من بالغ الأهمية، كما استشرف وضعية المدرسّين المستقبليين من خلا لجملة من الفرضيات التي طرحها للدرس.

في ختام مداخلته، أكدّ الأستاذ عتروز على أنّ الاحترافي هو المدرّس الناجح، معتبرا أنّ هذا الننجاح وهذه الاحترافية لا تتعلّق بالسنّ بل بالقدرة على اكتساب المهارات وتطويرها بالانفتاح على مجال تخصّصه، محيلا على أنّ بعض الآراء تعتبر أنّ المدرّس الاحترافي هو مرحلة مثالية يندر توفرّها بصفة متكاملة.

المداخلة الثالثة للأستاذ عبد الكريم خالد/ الجزائر، عُنيت “بالتدريس بالكفاءات ودورها في إعداد المشروع المهني والدراسي لدى التلميذ”.

رهان المداخلة كيفيات تمكين التلميذ من بناء جانبه الشخصي وتطويره، وقد أكدّ الأستاذ عبد الكريم خالد على أنّ المدرسة فضاء للتكوين والتدريس على المهارات والتطوير والتأصيل للبناء الصحيح والاختيار الثابت في مستوى التخصّص.

ركزّت المداخلة على تلاميذ المرحلة الثانوية لأنهم مقبلون على مرحلة جديدة باختلاف مجالاتها، وحدّدت إشكاليتها بشأن العلاقة الدالّة بين التدريس بالكفاءات وبناء المشروع الشخصيّ للتلميذ.

بخصوص تعريف المقاربة بالكفاءات، حدّدها الأستاذ عبد الكريم خالد بامتداد الجودة الشاملة في مجال التعليم/ التربية، وفق بلورة ذاتية لقدرة التلميذ تستند إلى الوضعية الإدماجية والوضعية التقويمية، وقد حدّد أنواعها في كفاءات معرفية، وأدائية، وأخيرة تتعلّق بالنتائج أو بالمنجز، أمّا مستوياتها فقاعدية، مرحلية، وعرضية/ مشتركة.

استندت الورقة العلمية التي قدّمها الأستاذ عبد الكريم خالد إلى دراسة ميدانية أداتها 3 ثانويات في الجزائر، وركزّ الاستبيان على المشروع الشخصي للتلميذ (المشروع الدراسي/ المشروع المهني)، وقام على طرح مجموعة من الأسئلة، وقد وقع ضبط قائمة إحصائية ضبطت نسب دقيقة.

في ختام المداخلة، اعتبر الأستاذ عبد الكريم خالد وجود علاقة اعتباطية فعليّة بين التدريس بالكفاءات والمشروع الشخصي للتلميذ، إذ ارتأى أنّ التدريس بالكفاءات من شأنه أن ينمّي مهارات الطفل ويطوّرها، كما أكدّ على مزيد تكوين الأستاذ في ظلّ مشروع المقاربة بالكفاءات توصية,

المداخلة الرابعة للأستاذ زيوش سعيد/ الجزائر عن ” الإعداد الأكاديمي والمهني للأستاذ”، الذي افتتح كلمته بالحديث عن المهنيّة في التربية التعليم بين الواقع والآفاق ملّحا على ضرورة الاهتمام بالمعلّم؛ هل يمكن أن يكون هناك إعداد أكاديمي؟ هل يمكن أن يكون هناك إعداد مهني لاحقا؟ هل بوسع الخريجين الجدد فعلا التأهلّ لهذه المهنة النبيلة؟

أكدّ الأستاذ زيّوش سعيد لاحقا على ضرورة الإعداد الجيّد والتكوين المهني الهادف الذي قد يستجيب لمعايير المهنة لإنجاز منظومة متكاملة نسبيّا التي قد تُسهم إلى حدّ ما في تطوير المجتمع والارتقاء به، داعيا إلى ضرورة الالتزام بوحدة الأهداف لتحقيق الانسجام، وإلى أهمية التخطيط الشامل نوعا من أنواع التسمية، وأهمية الاستعانة بالأبحاث المتخصّصة والخصائص الواجب توفرّها في الأستاذ من قبيل صفاء الذهن والوضع الاجتماعي والمادّي المقبول والثقافة والمرونة والإعداد والتدريب الجيّد.

في ختام مداخلته، أكدّ الأستاذ زيّوش سعيد على أنّ مهنة التعليم لا تكون ناجحة بدون بذل جهد حقيقي من طرف الأستاذ/ المعلّم الذي يجب أن تتوفرّ فيه شروط/ ركائز ثابتة لا غنى عنها.

شفعت الجلسة العلمية الأولى من اليوم الثاني للندوة العلمية الدولية “المهنية في التربية والتعليم بين الواقع والآفاق” التي نظمّتها الجمعية التونسية للجودة في التربية (ATUQUED) بالشراكة مع مخبر الجمعية للبحث العلمي في علوم التربية والتكوين والتعليم، بجلسة نقاش خاض فيها الحضور في نجاعة نظام الكفاءات من عدمه، مع التعقيب على خلفيّة غياب الاعتناء بدور الدولة في اختيار المنظومات التعليمية وتحديدها في جميع الورقات العلمية المعروضة.

اتسّمت المداخلات التي أثّثت الجلسة العلمية الأولى من اليوم الثاني بالثراء الفكري والمعرفي اللافت خاصّة بحضور دراسات ميدانيّة تفاعليّة تنطلق من واقع التعليم بالاعتمد على نماذج منتخبة من عيّنات قد تكون محدودة، لكنها تعرض جزءا من المنظومة ومن واقع الحال للتعليم بالبلدان العربية.

تعليقات