التقرير المفصل لأشغال الندوة الدولية الأولى قضايا اللغة العربية في النظريات الصواتية الحديثة

قئة المقال:تقارير

شهدت الكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية تنظيم مختبر الخطاب وتكامل العلوم والمعارف؛ للندوة الدولية الأولى في موضوع: (قضايا اللغة العربية في النظريات الصواتية الحديثة)، وذلك يومي 16 و17 دجنبر 2021م بشكل حضوري وفي نفس الآن بثت مباشرة على قناة الكلية. ومن الأهداف التي سطرت للندوة من البداية[1]:

  • عرض منجزات النظريات الصواتية الحديثة بعد فتح المجال للتطبيقات الصواتية على متون اللغة العربية، والنظر فيما تتيحه من إمكانات نظرية وتطبيقية، وما تقدمه من أوصاف وتفسيرات وتمثيلات، وتقويم حصيلتها بالنسبة لهذه اللغة.
  • الوقوف على أعمال علَم من أعلام الدرس اللساني الحديث والصواتي خاصة في المغرب والوطن العربي بشكل عام؛ الدكتور مبارك حنون، والذي يعد من الأساتذة الباحثين الأوائل الذين تحملوا مسؤولية إدخال اللسانيات المعاصرة إلى مجال التداول العربي، وأسهموا في تطوير البحث اللساني العربي الرصين في الجامعة المغربية.

ولتحقيق الأهداف السابقة اقْتُرِحَتْ محاور البحث الموالية:

  • المحور الأول: القضايا والظواهر الصواتية العربية في المقاربات الصواتية الحديثة (البنيوية والتوليدية المعيار، والتوليدية الحديثة)؛
  • المحور الثاني: اللغة العربية والوحدات الصواتية (المقطع والتفعيلة والكلمة التطريزية والمركب الصواتي والمركب التنغيمي، والقول الصواتي)؛
  • المحور الثالث: الظواهر الصواتية العربية القطعية والتطريزية والصواتة الحديثة؛
  • المحور الرابع: المصطلح الصوتي التراثي وبناء معجم الصواتة العربية الحديثة؛
  • المحور الخامس: نظريات الصواتة التوليدية الحديثة وقضايا اللغة العربية (هندسة السمات والعناصر، والمستقلة القطع، والعروضية، والمجالات التطريزية، والنظرية الأمثلية…)؛
  • المحور السادس: الصواتة الحديثة وديداكتيك اللغة العربية؛
  • المحور السابع: تفاعل الصواتة مع المستويات اللسانية الأخرى (التركيب والصرافة، والدلالة، والتداوليات…) والرؤية التكاملية من منظور الوجيهيات (Interfaces)؛
  • المحور الثامن: قراءات في المشروع العلمي (الصواتي والسيميائي…) للدكتور مبارك حنون؛ لتوضيح رؤيته التكاملية والكشف عن قضايا المنهج والمصطلح والترجمة في مشروعه الصواتي؛

وقد ضمت الندوة ثماني جلسات علمية توسطت الجلستين الافتتاحية والختامية. قدم فيها باحثون من دول مختلفة أوراقهم البحثية ومنها؛(المغرب، والعراق، وتونس، والأردن، وقطر، والجزائر، وماليزيا). أما مداخلات الجلسات بتفصيل أكثر فأبينها فيما يلي:

  • الجلسة الافتتاحية:

ترأس هذه الجلسة الدكتور عبد الله صغيري، وكان أفضل ما افتتحت به الندوة آيات بينات من القرآن الكريم تلاها الدكتور محمد الحفظاوي، وبعده منحت الكلمة للسيد عميد الكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية الدكتور لحو مجيدي، والذي نوه بما تقوم به جميع هياكل الكلية من أنشطة وطنية ودولية هادفة لتطوير البحث العلمي، ورحب بالحضور، وقدم دعوة عامة للطلبة والباحثين للاستفادة من أعمال هذه الندوة الدولية، التي جاءت في سياق أول هو تأسيس المختبر المنظم للنشاط بصيغته الجديدة، وسياق ثاني هو الاحتفاء باللغة العربية التي تمثل مجالا خصبا لتطبيق النظريات الصواتية الحديثة. كما انتهز السيد العميد فرصة الندوة لتهنئة الدكتور مبارك حانون على مساهمته القيمة في تطوير البحث اللساني.

ثم تلت كلمته كلمة ألقاها السيد مدير المدرسة العليا للأساتذة بمكناس الدكتور محمد أمين والذي عبر عن سعادته بدعوة الكلية المتعددة التخصصات له، مشيرا إلى أن هذه الكلية العتيدة تشرف جامعة مولاي إسماعيل بنشاطها الدؤوب، كما أنه سعيد بموضوع الندوة الذي انتقاه مختبر الخطاب وتكامل العلوم والمعارف لتكريم اللغة العربية قبل يومها العالمي، ويرى أن موضوع الندوة من أهداف الدرس اللساني الحديث في عالمنا،  وهو أولا تجديد أوصاف الدرس اللغوي العربي، وهذا التجديد هو إعادة نظر في كل التصورات العتيقة والقديمة والمتكررة لدرس العربية، ونحن نحتاج لهذا التجديد، وللقيام به نحن نحتاج التسلح بنظريات ومناهج مختلفة صوتية، وصرفية، وتركيبة، ودلالية، وغيرها… وغير خاف أنه من أهداف الدرس اللساني أيضا تطوير النظر نفسه، فالنظريات يجب أن تساءل ولا يمكن مساءلتها وتجديدها إلا بإخضاعها للقياس اللغوي التجريبي، وهذه اللقاءات وخاصة في موضوع النظريات الصواتية الحديثة وهي مختلفة متشعبة، وليست كما في الدراسات التركيبية معروفة المسار ترد النظريات فيها إلى مسار معين، وهذا التشعب في الصواتة به يغتني البحث اللغوي الحديث. وفي الأخير يرجو الدكتور للندوة النجاح والتفوق شاكرا عميد الكلية على مجهوداته.

أما كلمة السيد مدير مختبر الخطاب وتكامل العلوم والمعارف الدكتور أحمد البايبي فقد دارت حول؛ ترحيبه أولا بالباحثين المشاركين القادمين من أماكن مختلفة داخل وخارج المغرب. ثم وضح أهداف فريق البحث المنظم الضمني للندوة فريق الأبحاث اللسانية والصواتية الحديثة وتكامل العلوم والمعارف تحت إشراف مختبر الخطاب وتكامل العلوم والمعارف، وأن هذه الندوة جاءت لتحقق هدفين معلنين، وغاية مأمولة وطموحة غير معلنة. الهدف الأول: الوقوف على قضايا اللغة العربية في النظريات الصواتية الحديثة تنظيرا وتوصيفا وتطبيقا، وكذلك عرضا وتقويما لها ولحصيلتها على متون اللغات الطبيعية بعامة وعلى متن اللغة العربية بخاصة، ولعله من أنفع طرق الاحتفال بهذه اللغة وأيضا بهذه النظريات. والهدف الثاني فهو الوقوف على أعمال علم من أعلام الدرس اللساني الدكتور مبارك حنون حفظه الله.

ثم الغاية التي يرمي إليها الفريق والمختبر بالتعاون مع الباحثين جميعا هي خلق شبكة قوية وواعدة للصواتيين والأصواتيين المنشغلين باللغة العربية، على غرار الشبكات الدولية كشبكة الصواتيين الفرنسيين والأمريكيين. وفتح السيد مدير المختبر الباب للباحثين في التفكير في كيفية تحقيق تلك الغاية الطموحة. وفي نهاية كلمته عرَّف بمختبر الخطاب وتكامل المعارف (ختم) والذي يضم فريقين للبحث:

فريق الأبحاث اللسانية والصواتية الحديثة وتكامل العلوم والمعارف، وفريق الآداب واللغات والفلسفة والعلاقات البينية والذي يشتغل الآن على كتاب جماعي في موضوع (اللسانيات والأدب نحو رؤية تفاعلية وتكاملية لتحليل الخطاب)، هذا الفريق لازال إلى اللحظة يترأسه المرحوم الدكتور ابزاري عبد الكريم رحمه الله، مع الإشارة إلى أن لجنة البحث العلمي في مجلس الكلية قد برمجت في أنشطة السنة المقبلة بإذن الله ندوة تكريمية لروحه وسينظمها فريقه.

أما عن المختبر فهو يشتغل حاليا على مشروع علمي تم اعتماده من طرف المركز الوطني للبحث العلمي والتقني cnrst تحت موضوع (أشكال التعبيرات اللسانية في الصحراء المغربية خصائصها اللسانية وامتدادتها الإفريقية).

  • الجلسة العلمية الأولى: قضايا اللغة العربية في الصواتة التطريزية

ترأس هذه الجلسة الدكتور محمد فتحي، وألقت الدكتورة أسماء كينني مداخلة الدكتور مبارك حنون (كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، جامعة محمد الخامس، المغرب) وكان موضوع الورقة (لسان العرب ولغاتهم)، فأبرزت الدكتورة أهم ما تعرضه هذه الورق حول نشأة اللغة العربية الفصحى اللغة المشتركة بين جميع العرب، وسعيها لتقديم صورة عن المشهد اللغوي في الجزيرة العربية قبل الإسلام، ثم تعايش تلك الأنساق اللغوية المتفاوتة.

تفضي فرضية الدكتور حنون مبارك إلى أن اللغة العربية المشتركة صناعة لاحقة عن لغات العرب ولحونها التي رعتها وأحكمتها ورونقتها الحاجات الروحية التي سمت وارتقت بها لتصبح لغة أمثل وأجل.

وبعده مداخلة الدكتور عبد النبي سفير (كلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز بفاس، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، المغرب) أما عن الموضوع الذي عني به فكان حول (الوضع التطريزي للمركب التنغيميي في اللغة العربية)، وقد بين كون البحث الذي يقدمه يندرج ضمن أعمال ابتدأت منذ تسعينيات القرن الماضي، وقد بين أن مشاركته العلمية ضمن مشروع علمي مشترك مع الدكتور حنون مبارك، والدكتور أحمد البايبي وأساتذة آخرين. ذكر الدكتور عبد النبي سفير أنه رافق الدكتور مبارك حنون منذ 1990، وقد غرس فيه مع جيل من الأساتذة عشق اللسانيات وهوس البحث الصواتي، وأكد أن هذا المشروع كان نتاج هذه الملازمة. وقد وضع الدكتور مبارك حنون اللبنة الأولى للنظر الصواتي الإيقاعي للغة العربية. وذكر الدكتور أن الجانب النظري المعتمد لكل هذه الأعمال ضمن المشروع وأيضا البحث التطبيقي الذي عرض لظواهر عديدة في اللغة العربية بما تعترضه من مشاكل في الهرمية التطريزية بوصفها مجالات صوتية تتحكم بمجموعة من القواعد أو قد تعرقل طبيعة هذه القواعد.

أما الدكتور أحمد بريسول (معهد الدراسات والأبحاث للتعريب بالرباط، جامعة محمد الخامس، المغرب) فمداخلته حول (المعنى التنغيميي) وفيها عبر أولا عن سعادته للتواجد في هذه الندوة بالرشيدية كما أنه ثمّن ما تقوم به الندوة من اعتراف بمجهودات الدكتور حنون مبارك وأن مثل هذه الأمور الخاصة بالاحتفاء بالأعلام وجب تكريسها في الجامعة. وافتتح مداخلته بإشكالية: ماذا بعد هذه القواعد المتوصل إليها في الصواتة والصرف؛ هل نظل ساكنين أمام هذه القواعد أم أن هناك امتداد لهذه القواعد؟

وبعده عرض لنص مؤسس لابن سينا جعله يطرح إشكال علاقة التنغيم بتأويل الملفوظ؟ مؤكدا أنه لا تشتغل الأنساق اللغوية في الإطار القالبي في الأوضاع التواصلية الفعلية بمعزل عن بعضها البعض. لذلك يمكن أن يكون تفكيك إسهام الصور اللغوية في التواصل بالنسبة للقنوات غير اللغوية صعب، وهذا يعكس تعقيدات المعنى التي يمكن أن يضيفها تنغيم الكلام (الخرج النهائي للمعنى).

خلص الدكتور بريسول إلى أن التنغيم يضع قيودا محددة على تأويل القول من خلال إثارة افتراضات ذريعية إضافية تربط القول بافتراضات أخرى حول وضع وبنية المعرفة المضمنة. كما أشار إلى موضوع البروز التطريزي وبنية المعلومة وأشار إلى أن التطريز يلعب دورا حاسما في تأليف الكلمات.

والدكتور معتصم الكرطوطي (المدرسة العليا للأساتذة بمكناس، جامعة مولاي إسماعيل، المغرب) قدم بحثا حول (الوضع الصواتي والأصواتي للألف في الرسم العربي) معتبرا موضوع الألف من المواضيع الدقيقة لأنه يطرق الكثير من المشاكل الأصواتية والصواتية، وأن أصل المشكل مرتبط بالرسم، ومنه تحدث عن الأصول النبطية للخط العربي المأخوذة من الكتابة الآرامية. والملاحظ أن اللغويين الأوائل أهملوا وضع رموز للصوائت في المراحل الأولى لعصر التدوين، واعتبروا أصل البناء هو الساكن (الصامت)، لكن كتب التجويد أولت عنايتها للصوائت كذلك ومثل ذلك في كتاب الداني (المحكم في نقط المصاحف). وقد أشار الدكتور إلى عدة ظواهر لغوية متصلة بالأصوات؛ الواو والألف والياء كالحذف والنقل والإبدال والإعلال…ما جعل اللغويين القدامى يحيطونها بمجموعة قواعد لكنه ومع ذلك تتواجد حالات خارجة عن نسقية تلك القواعد.

والطالبة الباحثة حنان وحيدي علوي (الكلية متعددة التخصصات بالرشيدية، جامعة مولاي إسماعيل، المغرب) فقد كان موضوع مداخلتها (المقطع الصواتي والملامح التطريزية في الصواتة الحديثة) بنت فيه مداخلتها على محورين أساسيين، الأول حضور المقطع في الدراسات الصوتية، والثاني حول علاقة المقطع والملامح التطريزية في الصواتة الحديثة. وعليه عرفت المقطع من خلال مستويين أصواتي يربطه بوتيرة التنفس كونه دفقة صوتية أو دفقة هواء، أما الثاني صواتي كونه وحدة من كل لغة، وهو تتابع من الصوامت والصوائت وترافقه ملامح تطريزية مثل النبر والطول والتنغيم…

  • الجلسة العلمية الثانية: قضايا وظواهر صواتية عربية في المقاربات الصواتية الحديثة

ترأس هذه الجلسة الدكتور محمد أمين واستهلت الجلسة بمداخلة الدكتورة أسماء كينني (الكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية، جامعة مولاي إسماعيل، المغرب) حول موضوع (المصطلح الصوتي في الصواتة غير الخطية) والتي أولت في مداخلتها الأهمية الكبيرة للمصطلح الصوتي في الدراسات الصوتية الحديثة، رغم ما يعرفه من اختلافات كبيرة بفعل التعريب أو الترجمة، لكن ورقة الدكتورة لا تهدف إلى إبراز أسباب تلك الاختلافات أو مكامنها، وإنما تروم النظر إلى بعض المصطلحات الصواتية التي وظفت في بعض النظريات الصواتية متعددة الأبعاد من قبيل النظرية مستقلة القطع ونظرية هندسة السمات ونظرية العناصر. أما عن الإشكاليات التي حملتها المداخلة فأهمها؛ هل انفردت كل نظرية صواتية بمصطلحاتها الخاصة التي استحدثتها وابتدعتها فاختصت بها دون غيرها؟ أم أن المصطلحات الصواتية في النظريات المذكورة تمتد وترتحل؟ وكيف تم تشغيلها؟

وقدم الدكتور محميد الوادي (كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس، جامعة مولاي إسماعيل، المغرب) مداخلته عن بعد حول موضوع (انشطار الأصناف الصواتية الطبيعية في اللغة العربية: مقاربة هندسية) مبينا أن مقاربته للأصناف الصواتية في اللغة العربية هي مقاربة هندسية (في إطار هندسة السمات)، وهو يريد بالانشطار كون بعض الأصناف الصواتية الكبرى الطبيعية تشترك في بعض السمات أو في عضو نطقي معين، لكنها على مستوى القواعد والقيود الصواتية تحتاج إلى تفريع لأن هذه القيود مثلا لا تعمل في كل التاجيات مجتمعة وإنما يجب تفريع هذه الصوتيات إلى أصناف صواتية صغرى هي التي تعمل فيها القواعد والقيود.

وسجل كون مفهوم الصنف الصواتي الطبيعي وارد عند الخليل وذكر الدكتور الوادي أنه في أطروحته قدم شجرة للسمات، وأن انشطار الأصناف الصواتية العربية يكون بحسب هذه الهندسة، وأصحاب هذه النظرية بالنسبة لعجرة الموضع فهم يتحدثون عن خمسة أعضاء نطقية وهي (شفوي، تاجي، ظهري، جذري، حنجري). وختم بكون مفهوم الانشطار يسعف في تحديد أصناف صواتية طبيعية كبرى والأصناف الصواتية الطبيعية الصغرى.

وقدمت الدكتورة  دنيا الوكيلي (كلية الآداب والعلوم الإنسانية ظهر المهراز بفاس، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، المغرب) ورقتها البحثية حول (حروف المد في العربية: مقاربة صواتية) والتي قسمتها للمحاور التالية؛ أولها حول حروف المد عند القدماء ابن جني نموذجا، وبعده حروف المد عن المحدثين خاصة في موضوع التمثيل لها في الصواتة الخطية، ثم في الأخير التمثيل لحروف المد وفق الصواتة العروضية. وختمت الدكتورة بإشارتها إلى أن سبب الخلط الذي يقع فيه بعض الصواتيين أثناء صياغتهم للقواعد الخاصة بقضايا الإعلال إنما يرد إلى نظام الكتابة العربي. لذلك يلزم على الباحثين فهم طبيعة حرف المد وكمياته الصوتية عند القدماء لتفادي إسقاط القواعد الصواتية على المكتوب عوض المنطوق.

واستعانت الدكتورة نادرة بنسلامة (المعهد العالي للّغات بتونس) بتقانة الإلقاء عن بعد، للمشاركة في الندوة بموضوعها حول (ظاهرة التقاء السّاكنين في العربيّة في ضوء النّظريّة الموراويّة)، وقد اختارت هذا المبحث بالذات لملاحظتها أن كتب النحويين القدامى لم تعطه حظا من الشرح والاهتمام في مقابل اهتمامها بظواهر أخرى مثل الإعلال والإبدال والمماثلة. واكتفت في المقال بالحالات التي يسمح فيها بالتقاء الساكنين، أو ما يسمى بجواز التقائهما، ويعود هذا الاختيار إلى إجماع النحويين القدماء أن التقاء الساكنين لا يجوز بل هو غير ممكن، وذلك لأن الحرف الساكن كالموقوف عليه، وما بعده كالمبدوء به. فإذا كان حق الساكنين عدم اجتماعهما في العربية فمن الأكيد أن لجواز اجتماعهما مبرر قوي وتدقيق هذا المبرر هو هدف هذه المقالة الأساسي. فعرضت الدكتورة نادرة في سياق ذلك مفهوم المتحرك والساكن عند القدامى. وعرفت بعد ذلك النظرية المعيارية كونها نظرية تهدف إلى دراسة البنية الموراوية في الكشف عن أوزان المقاطع. وفي الأخير خلصت الدكتورة إلى كون جواز التقاء الساكنين في العربية من مظاهرها النغمية. إذن فجواز القاء الساكنين ظاهرة نغمية prosodic phenomenon بالأساس.

  • الجلسة العلمية الثالثة: قضايا اللغة العربية في صواتة هندسة السمات

ترأس هذه الجلسة الدكتور لخلافة كريم واستهلها بشكر الحضور ورحب بضيوف الكلية، ومنح الكلمة للمداخلة الأولى للطالب الباحث إسماعيل أيت بادو (المدرسة العليا للأساتذة بمكناس، جامعة مولاي إسماعيل) معنونا ورقته بـ(قوانين التجاور في العروض العربي، مقاربة صواتية)، ومن أهم ما جاء في مداخلته؛ المقطع في اللغة العربية، والقواعد الصواتية في العروض العربي، فالوادي (2015) اعتبر الزحافات العروضية قواعد صواتية مثل قاعدة حذف المقطع الخفيف…وكذلك تحدث عن تجاور المقاطع الخفيفة في العروض العربي كما في البحر المنسرح.

والمداخلة الثانية خاصة بالدكتورة فتيحة قداف (المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بالقنيطرة، جامعة ابن طفيل، المغرب) ومداخلتها في موضوع (التناسب الصوتي في كتاب “سر الفصاحة” لابن سنان الخفاجي؛ “دراسة تركيبية في ضوء اللسانيات الحديثة”) ومن أهم محاور دراستها؛ أولا ابن سنان الخفاجي وفلسفته الصوتية، ثم ثانيا التناسب الصوتي التركيبي، وأخيرا أثر التناسب الصوتي.

وأبانت عن كون ابن سنان تحدث عن طبيعة الصوت، وناقش قضاياه نقاش فيلسوف لما عرف به عصره من فرق كلامية وترجمة للتراث اليوناني، أما عن تراث الخفاجي الصوتي فقد كان مدققا في أمور تعداد أصوات العربية وبيان أنواعها وفروعها المستحسنة والمستقبحة أو غير المستحسنة، وقد شابهت دراسته الصوتية بذلك من سبقوه. وفي حديثه عن التناسب فقد عده نتاج مناسبة مع العناصر المتآلفة أو المختلفة. كما حرص ابن سنان على اختيار الألفاظ الدالة على المعاني المقصودة لدراسته، وخصص كل لفظ بصفاتها الخاصة، ثم انتقلت الدكتورة إلى دراسة معطيات حول الجناس وجماليته الموسيقية، أما عن المسمى الذي يستعمله فهو المجانسة. وفي الختام أشارت إلى أن دراسة ابن سنان للجوانب الصوتية كانت متشعبة الجوانب وأنه ناقش قضايا البديع مناقشة صوتية.

والدكتورة حنان شباني صاحبة المداخلة الثالثة (كلية الآداب والعلوم والإنسانية بوجدة، جامعة محمد الأول، المغرب) كان موضوع ورقتها (ظاهرة القلبدل: دراسة صوتية معجميية)، ومن العناصر المناقشة فيها؛ ظاهرة القلبدل وطرق استخراجها (مواضع القلب فيها)، ثم العلاقات الصواتية المسببة للإبدال، وأخيرا العلاقات الدلالية المنبثقة عنها (مثل: الاشتراك المعنوي، والتضاد المعنوي، والاشتراك اللفظي، والاشتراك الجذري).

وخلصت في النهاية إلى أن اللغة العربية لغة خصبة للاستكشاف والبحث وهي مجال للدراسة الصوتية في ظواهر متعددة فيها، من ضمنها ظاهرة القلبدل التي ساهمت في تنمية اللغة العربية.

وألقى الدكتور محمد المعروفي (كلية الآداب والعلوم الإنسانية عين الشق بالدار البيضاء، جامعة الحسن الثاني، المغرب) مداخلته حول موضوع (الانسجام الصوتي والإنتاج الدلالي من منظور النحو الوظيفي (نموذج الفصاحة)، وقد ركز على جوانب متعددة منها: حد الفصاحة، ثم النحو الوظيفي وبناء القدرة التواصلية، وناقش فكرة الفصاحة مع الكفاية النفسية والتداولية والنمطية. ورأى الدكتور المعروفي أن الفصاحة قد ارتهنت بجملة من الشروط النطقية والفونلوجية. ووضح أن الكلام الفصيح هو الظاهر البين لألفة استعماله، والنفور يكون لما لا يستصاغ سمعه لغرابته.

وبعده مداخلة الأستاذ محمد أسرار (الكلية متعددة التخصصات في تازة، جامعة سيدي محمد بن عبد الله في فاس، المغرب) حول (الصوامت المستعلية في شجرات السمات المميزة) فالسمات الموجودة في الشجرة التي اقترحها مكارثي (1988) لدراسة اللغات البشرية، تولد إشكالا بالنسبة للغة العربية.

أما الأستاذ عبد الله لمين (معهد الدراسات والأبحاث للتعريب في الرباط، جامعة محمد الخامس، المغرب) والذي اعتبر ندوة اليوم لقاء وفاء للأساتذة الكبار الذين كونوا ثلة واسعة من الباحثين. أما عن موضوع ورقته فقد ناقش (السيرورات الصرف صواتية للجيم العربية)، وفسر طريقة اشتغاله من خلال جرده الإحصائي أولا للجيم الصامتية أو الصائتية وهذا هو الجديد الذي يؤسس له الأستاذ لمين. أما عن متون الدراسة والتي استخرجت منها الجذور المتضمنة للجيم بأنواعها فنجد القرآن الكريم أولا، ثم لسان العرب، وأخيرا كتاب تصريف الأفعال في اللغة العربية عن معهد الدراسات والأبحاث للتعريب. وكان من ضمن الاستنتاجات المستنبطة أن الجيم ترد في طبقة (أَكْرَمَ/يُكْرِمُ). ووضح كذلك أن للجيم مسارات إما مسار الانحباس أو غيره، كما لاحظ الإبدالات الخاصة بالجيم في العربية المغربية، واعتبر المحرك الأساس لهذا الموضوع ما وصف “بحرب االجيم”، وفي الأخير سجل كون الجيم قد تعوض الكثير من الأصوات إنه صوت يمكن أن يجتاح صوامت اللغة العربية بأكملها.

  • الجلسة العلمية الرابعة: من قضايا اللغة العربية في الصواتة الأبوفونية (التناوب المصوتي)

كان رئيس هذه الجلسة الدكتور عبد الرزاق تورابي الذي عبر عن سعادته لتواجده في الكلية وفي جلسة خاصة بالصواتة الأبوفونية (صواتة التناوبات الحركية)، ومنح الكلمة الأولى مباشرة للدكتور محمد التاقي (كلية الآداب والعلوم والإنسانية بالرباط، جامعة محمد الخامس، المغرب) والذي كانت مداخلته حول (الهندسة الداخلية للضمائر المتصلة بالفعل في اللسان العربي وبعض الألسن السامية: مقاربة صواتية أبوفونية) ومن الإشكاليات العامة التي حملتها المداخلة؛ ما طبيعة الضمائر المتصلة بالأفعال؟ أهي مقولات بسيطة أم مركبة؟ إذا كانت مركبة فما هي العناصر الأساسية التي تتكون منها؟ ما وظيفة كل عنصر من هذه العناصر؟ ما الطبيعة التوزيعية للضمائر المتصلة بالأفعال؟ ما هي العلائق التي تنسج الألسن السامية فيما بينها على هذا المستوى؟

وتلته مداخلة الدكتور أيوب ايت فرية (كلية الآداب والعلوم الإنسانية بأكادير، جامعة ابن زهر، المغرب) في موضوع (أبوفونيا الفعل الثلاثي المجرد: مقاربة أمثلية) وقد دمج نظريتين الأبوفونية والأمثلية وذلك لأنه ينطلق من إشكاليات تربط هاتين النظريتين؛ ومنها كيف يمكن تبرير القيود الانتقالية من حركة لأخرى؟ قيود تفسر مسار هذا الانتقال. مع دعم هذا الإطار النظري بعمل إحصائي من جذور الأفعال بمعجم الوسيط. وذلك وفق محاور ثلاث: الأول حول أبوفونيا الفعل الثلاثي المجرد، والثاني أرقام إحصائية حول الفعل “أبوفونيا الفعل الثلاثي المجرد”، وثالث حول الأبوفونيا والأمثلية تفسير التناوب.

والمداخلة التي تلته هي للدكتور عبد المجيد الزهير (كلية الآداب والعلوم الإنسانية بأكادير، جامعة ابن زهر، المغرب) وموضوع ورقته (الأفعال المضعّفة قيود التحقق الصرفي وتراسي البنيات الصياتية)، معتبرا قضية التضعيف من القضايا القديمة لكن المقاربات التي سيتناولها بها مستجدة وهو يقترح النظرية الأمثلية لأنها تراجع الكثير من المسلمات السابقة حول الموضوع. وعرف الأفعال المضعفة أولا، ثم طرح إشكاليات حوله منها؛ هل التضعيف معجمي أصلي أم أنه مشتق؟ وكيف يصح التضعيف في آخر الفعل كما في مدّ مثلا، ولا يصح في بدايته كما في ممدت* مثلا. فهناك مقاربات مختلفة في الموضوع ناقشها الدكتور في مداخلته.

والأستاذ عبد الله توفيق (معهد الدوحة للدراسات العليا بالدوحة، قطر) خصص ورقته لموضوع (البحث الصرف صواتي في المغرب وأثره على تطوير البحث اللساني، النظرية الأبوفونية أنموذجا) وكانت مشاركته عن بعد، مؤكدا في البداية أن الدراسات اللغوية عرفت تطورا كبيرا مع ظهور الدراسات اللسانية المعاصرة في القرن العشرين، وهو قرن يعد عصر اللسانيات بامتياز، مما جعل اللسانيات ترخي بظلالها على العلوم الاجتماعية سواء من حيث المنهج أو المفاهيم أو التصورات الجديدة التي أتت بها، وبداية الدراسات اللسانية في المغرب ارتبطت بسوسير واستمرت بشكل أكبر مع النهج التوليدي مع تشومسكي في سبعينيات القرن العشرين، وتميز نهج التيار التوليدي بنماذجه التحليلية التجريدية والدقيقة، وقد عرف البحث الصرف-الصواتي بفضل هذا التجريد تحولات عميقة على مختلف المستويات التحليلية، ولم تكن الجامعة المغربية بعيدة عن هذا التطور في المجال اللساني، بل كانت سباقة في اعتماد المناهج اللسانية المستجدة. ومداخلته في سياق التعريف بهذه المجهودات المغربية في مجال الصرف-صواتة.

  • الجلسة العلمية الخامسة: قضايا اللغة العربية في الصواتة الأمثلية

كانت هي الجلسة العلمية الأولى من اليوم الثاني من الندوة، وترأسها الدكتور محمد التاقي، واستهلت بمداخلة الدكتور عبد الرزاق تورابي (معهد الدراسات والأبحاث للتعريب بالرباط، جامعة محمد الخامس، المغرب)  حول موضوع (التطابق المعكوس:المعطيات والتحقيق الصرفي) بدأ بالتذكير بأهداف النظريات اللسانية (ومنها النظريات الصواتية) بشكل عام والذي هو تقليص الحشوية أو الشذوذ في اللغة، وأن هناك معطيات يبدو أنها لا تخضع لنمط مقعد، ودور النظريات اللسانية جعلها تكشف النسق أو الاطراد الذي يحكمها. وقد اختار الدكتور تورابي ظاهرة التطابق المعكوس والتي يصادفها في اللغة العربية واللغات السامية عموما، ولم يُقَدَّمْ لها وصف ولا تفسير من قبل ضمن الدراسات اللغوية السابقة. فالمنتظر مثلا تطابق الفعل وفاعله في الشخص والجنس والعدد، وكذلك تطابق الصفة والموصوف في الجنس والعدد، لكن هناك معطيات تمشي على النقيض فيكون تطابقها مختلفا، وهناك أمثلة على مستوى المفردات(هناك أسماء مذكرة تأخذ تاء التأنيث مثلا طلحة وحمزة مما يجعله يخرج عن النسق المنتظر كما في الجمع مثلا فجمعها جمع مؤنث سالم، والمثال المناقض للسابق وجود أسماء مؤنثة لا تحتوي علامة تأنيث، وهناك كلمات مفردة مؤنثة ولكنها تجمع جمع مذكر سالم كجمع سنة سنون وسنين) ،وأخرى على مستوى التراكيب(الظاهرة الشائعة في اللغات السامية هي تطابق العدد والمعدود يكون معكوسا ثلاثة أولاد مثلا/ ثلاث بنات) ومثل هذه العناصر تحال للحفظ أو السماع ولا تفسر في الدراسات اللغوية السابقة.

تلته مداخلة الطالبة الباحثة مارية مفتاحي (الكلية المتعددة التخصصات في الرشيدية، جامعة مولاي إسماعيل، المغرب) حول (النظرية الأمثلية وظاهرة الإبدال في اللغة العربية بين قيد الوفاء والخرج المحقق) وقد أشارت الطالبة في البداية إلى سيرورة التطور التي عرفتها النظريات الصواتية ضمن مقاربات لسانية متنوعة من البنيوية إلى التوليدية المعيار ثم التوليدية الحديثة، وتحت كل واحدة منها تنضوي نظريات متنوعة،  وضمن تلك النظريات انتقت النظرية الأمثلية لتأطير دراستها لظاهرة الإبدال في اللغة العربية. أما عن مباحث مداخلتها فقد قسمتها إلى ثلاثة مباحث؛ المبحث الأول: النظرية الأمثلية أسسها النظرية وتطبيقاتها بين اللغتين الإنجليزية والعربية، والمبحث الثاني: ظاهرة الإبدال في اللغة العربية، والمبحث الثالث: النظرية الأمثلية وظاهرة الإبدال في اللغة العربية.

وبعدها قدم الدكتور زين العابدين سليمان (كلية الآداب والعلوم الإنسانية ببني ملال، جامعة السلطان مولاي سليمان، المغرب) مداخلته عن بعد في موضوع (الانسجام الصوتي من خلال ظاهرة المماثلة نحو مقاربة صواتية أمثَلية) وفيها يقترح دراسة تروم الوقوف على ما تتميز به اللغة العربية من انسجام بين أصواتها مما يضمن فرادتها بين اللغات الطبيعية الأخرى. أما عن الإشكاليات التي طرحتها ورقة الدكتور فهي: ما المقصود بالانسجام أو التآلف الصوتي؟ وإلى أي حد تكون المماثلة سببا من أسباب هذا الانسجام الصوتي؟ ومدى أمثلية القيود الصواتية في تحديد ظاهرة المماثلة؟

أما مداخلة الأستاذ محمد المودن (كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، جامعة محمد الخامس، المغرب) فقد كانت في موضوع (مقاربة صرف-صواتية لقضية المصادر الثلاثية المجردة في الصرف العربي) وهو يسعى في مداخلته إلى معالجة قضية تعدد صيغ الجذوع في حالات لا تنطبق للقواعد القياسية. منطلقا من فرضية كبرى أن الألسن الطبيعية يحكمها نسق بعيد عن الفوضى أو العشوائية، وإن لم يتم التوصل بعد لذلك النسق. معتمدا مبادئا صواتية متعلقة بالصواتة مستقلة القطع؛ مثل مبدأ المحيط الإجباري، وقواعد الربط، وشرط سلامة التكوين. معتمدا نماذج تطبيقية من كتب الدكتور التاقي. وغايته الوصول إلى هيكل موحد لجميع صيغ مصادر الفعل الثلاثي المجرد.

والمداخلة الخامسة في هذه الجلسة كانت للأستاذ حسن يماني (معهد الدراسات والأبحاث للتعريب بالرباط، جامعة محمد الخامس، المغرب) في موضوع (المعالجة الأمثلية لسيرورة القلب المكاني في اللغة العربية) مقسما مداخلته للتالي:

أولا: النظرية الأمثلية وسياقها العام (المبادئ، والقيود، ومكونات النحو في النظرية)

ثانيا: القلب المكاني في الموروث اللغوي العربي (تصور القدماء وتصور المحدثين)

ثالثا: المعالجة الأمثلية لسيرورة القلب المكاني في اللغة العربية (تصور الغربيين، القيود المتفاعلة في سيرورة القلب المكاني، نموذج تحليل أمثلي لسيرورة القلب المكاني في المتوالية الصوتية المستقبل)

رابعا: التحليل الهندسي لسيرورة القلب المكاني في المتوالية الصوتية المستقبل قبل القلب وبعده.

  • الجلسة العلمية السادسة: تفاعل الصواتة مع المستويات اللسانية الأخرى (التركيب، والصرافة، والدلالة، والتداوليات…) والرؤية التكاملية من منظور الوجيهيات

ترأس هذه الجلسة الدكتور أحمد برسول، وكانت المداخلة الأولى للدكتورة نور الهدى عرباوي (الكلية المتعددة التخصصات في الرشيدية، جامعة مولاي إسماعيل، المغرب) في موضوع

)La forme du réciproque en arabe classique: Interface phonologie-syntaxe(

وهدفت من خلال هذا العمل إلى توضيح قيمة استثمار بنية الجملة التركيبية لحل المشاكل الصواتية، مما يؤكد أهمية العمل على وجيهيات مختلف المستويات اللسانية، ومتن دراسة الدكتورة هو اللغة العربية المعيارية.

المداخلة الثانية من الجلسة للدكتور محمد الغريسي (المدرسة العليا للأساتذة بمكناس، جامعة مولاي إسماعيل، المغرب) حول (المستوى التركيبي ودوره في تحقيق التوازن الصوتي؛ التقديم والتأخير في القرآن الكريم نموذجا)، والذي نوه في البداية بدقة موضوع الندوة، ثم انتقل لموضوع ورقته مركزا على محوري أساسيين؛ أولهما الكيفية التي تشتغل فيها الملكة اللغوية في الهندسة الأدنوية، وثانيهما التقديم وارتباطه بالقيد الصوتي. مشيرا إلى أن فكرة تكامل المستويات اللسانية ليست جديدة وإنما هي متجذرة في الدرس اللغوي العربي، فمداخلة الدكتور تسعى إلى إبراز أهمية المستوى التركيبي في تحقيق التوازن الصوتي، من خلال الاشتغال على ظاهرة التقديم والتأخير في القرآن الكريم، وتوضيح إسهامها في تحقيق البنية الإيقاعية للقرآن الكريم.

المداخلة الثالثة للدكتور عبد الرحمن رضوان (لكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية، جامعة مولاي إسماعيل، المغرب) في موضوع (من مركزية التركيب إلى مركزية الصوت في النحو: قراءة في منظور اللسانيات الإدراكية مع نماذج تمثيلية)؛ منطلقا من فكرة أن الصوت يشكل مركزا لبقية مستويات اللغة، ما يعني أن التقعيد للصوت هو تقعيد لباقي المستويات. وكذلك أشار إلى كون اللسانيات المعرفية في القرن الواحد والعشرين تشكل قفزة نوعية في مجال اللغة. ومنه هدف الدكتور لتحقيق مساعي مداخلته ومنها؛ تبيان حقيقة المكون الصواتي وقيمته الاعتبارية من منظور اللسانيات التوليدية وفق مستجدات اللسانيات الإدراكية أو العرفانية.

والدكتور جمال والزين (الكلية المتعددة التخصصات بتازة، جامعة سيدي محمد بن عبد الله، فاس، المغرب) قدم المداخلة الرابعة حول موضوع (الكلمة في اللغة العربية وقيود البناء) وقد أتت ورقته في سياق الجدل القديم الجديد في تعريف الكلمة، ويروم من خلالها الوقوف عند القيود الصواتية والصرافية لبناء الكلمة في العربية كما تناولها علماء العربية القدماء، وكما قدمتها الأعمال اللسانية الحديثة.

المداخلة الخامسة للأستاذ رشيد الشنشني (معهد الدراسات والأبحاث للتعريب بالرباط، جامعة محمد الخامس، المغرب) في موضوع (الوجاه الذريعيالتطريزي في بناء معنى السخرية)، معلنا أن السبب من اختياره هذا هو أن الذريعيات السابقة لم تهتم بالنظرية التطريزية مما أثر على مسار البحث، ويعزى ذلك إلى ضبابية مفهوم النظرية التطريزية في بداياتها. وبعده انتقل الباحث إلى بيان الخصائص التطريزية لبناء المعنى، تلك الخصائص التي لا يمكن حصرها في إطار التنغيم فقط، وإنما يوجد كذلك ؛التدرج في التنغيم والنغم والإيقاع والوقف والنبر وزمنه…

المداخلة السادسة -عن بعد- للدكتور عبد العزيز كريم (لكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية، جامعة مولاي إسماعيل، المغرب) في موضوع:

 

A propos de l’expression de la qualité dans le parler amazigh de Ksar Tit n’Ali.

يشير الدكتور في مداخلته إلى أن تعبير الجودة لازال وصفه ملتبسا في اللغة الأمازيغية، ويعود ذلك إلى الطابع الدلالي الغامض المتعلق به، ولكن أيضا بشكل قوي يرجع لاستخدام القواعد النحوية له، ما يشكل قيما خلافية حوله. ويرتبط الغموض المحيط بهذا الكيان اللغوي تلك التسميات المعتمدة في تصنيفه (اسم، أو صفة)، أما عن متن الدراسة المعتمد فهو أمازيغية قصر “تيط نعلي”.

والمداخلة السابعة والأخيرة في الجلسة فهي للدكتورة عواطف السمعلي الزواري (كلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة، الجمهورية التونسية)،ألقتها عن بعد حول موضوع (قاعدة التماثل بين علمي الأصوات والصرف أسباب الجواز وأسباب الامتناع؛ افْتَعَلَ نموذجا) وهي تستهدف توضيح خدمة علم الأصوات لعلم الصرف ضمن ما يسمى بالاسترسال في المفهوم العرفاني، مما جعلها تقسم العمل لقسمين؛ الأول عبارة عن جهاز مفهومي يغلب عليه الطابع الوصفي، والثاني تطبيقي يغلب عليه الطابع التحليلي. واستهلت مداخلتها باعتبارها للمفردة كيانا معقد البناء، فهي من حيث الدال قائمة على حروف وحركات تتألف وفق قوانين لا تشذ عن صيغة معينة.

  • الجلسة العلمية السابعة: ديداكتيك اللغة العربية من منظور الصواتة الحديثة

يترأس هذه الجلسة الدكتور عبد الكريم الدخيسي، وكانت أول مداخلة خاصة بالدكتورة حسبية الطايفي البرنوصي (كلية علوم التربية بالرباط، جامعة محمد الخامس، المغرب) في موضوع  (تأثير الخصوصيات الفونولوجية للغة العربية في سعة ذاكرة العمل؛ التوازي بين الكلفة المعرفية والكلفة الإجرائية نموذجا)، مقسمة مداخلتها للمحاور التالية: المفاهيم الأساس للبحث

الدراسات السابقة: تأثير الخصوصيات الفونولوجية للغة على الذاكرة الفونولوجية.

التوازي بين الكلفة المعرفية والكلفة الإجرائية؛دراسة وصفية كمية.

خلاصات واستنتاجات.

أما عن إشكالية الدراسة فهي تندرج ضمن بلورة استراتيجية معرفية تنظر في صميم الخصوصيات الفونولوجية للغة العربية، بغرض دعم الاشتغال بها وتعلمها. من خلال النظر فيما إذا كان لعدد من السيرورات الإجرائية التي تتحقق عبرها ظواهر المماثلة الصامتية أي أثر في السعة التخزينية لذاكرة العمل الفونولوجية.

أما المداخلة الثانية فقد كانت للدكتورة فاطمة بولحوش (الكلية متعددة التخصصات بالناظور، جامعة محمد الأول، وجدة، المغرب) في موضوع (الوعي الصواتي وأهميته في الإدراك والإنجاز اللغوي العربي في الجامعة المغربية) هادفة إلى إعادة الاعتبار للغة المنطوقة والتأكيد على أهمية البحث اللساني الصوتي في تطوير تعليم وتعلم اللغة العربية، من خلال الإجابة عن الأسئلة التالية؛ ما الإفادات التي قدمتها اللسانيات الصوتية في تعليم وتعلم اللغة العربية في الجامعة المغربية؟ وهل طلاب الجامعة مدركون لظاهرة الإدغام وهل يحققونها على مستوى الإنجاز اللغوي؟

وللإشارة فهذه الدراسة ترتكز على مقاربة ميدانية، يتم من خلالها التعرف على مدى وعي طلاب الفصلين الأول والرابع بإدراك الإدغام وإنجازه. مع مقارنة الطلاب الذي تلقوا تعليما في الكُتَّاب وغيرهم ممن استفادوا من خدمات التعليم الأولي بالمدارس العصرية.

المداخلة الثالثة صاحبها الدكتور سعيد الحنصالي (معهد الدراسات والأبحاث للتعريب بالرباط، جامعة محمد الخامس، المغرب) في موضوع (بعض إشكالات اللغة والتواصل عند ذوي الإعاقة من منظور الذريعية الإكلينيكية؛ التوحد والتثلث الصبغي)، مشيرا إلى كون ورقته جزء من دراسة موسعة تخص نوعين من الإعاقة؛ النمائية العصبية المتمثلة في التوحد، والذهنية المتمثلة في التثلث الصبغي. مقتصرا في حيز العرض على معالجة قضايا مرتبطة باضطرابات اللغة والتواصل من حيث القدرات والمهارات التعبيرية الدلالية والتطريزية عند الأشخاص ذوي اضطرابات طيف التوحد، من منظور الذريعية الإكلينيكية. والجزء الآخر يعرض عند نشر أعمال الندوة. وقد أعاد الدكتور صياغة عنوان مداخلته إلى (بعض الإشكالات التطريزية والتعبيرية في اضطراب طيف التوحد من منظور الذريعية الإكلينيكية).

المداخلة الرابعة للأستاذ مراد جدراوي (كلية الآداب والعلوم الإنسانية، بالجديدة، جامعة شعيب الدكالي، المغرب)  في موضوع (الصواتة الحديثة وديداكتيك اللغة العربية)، وهو في مداخلته -عن بعد- يسعى للبحث في حقلين معرفيين مهمين؛ يتعلق الأول بعلم الصواتة، والثاني بديداكتيك اللغة العربية. لينقب عن تدريسية الصواتة في المدرسة الإبتدائية مانحا الوعي الصوتي الأهمية، باعتباره مكونا أساسيا من مكونات التعليم المبكر للقراءة، مع مفهوم القراءة المقطعية وعدها طريقة وسيطة بين الطريقة الجزئية والطريقة الكلية.

والمداخلة الرابعة -عن بعد- للدكتور رضوان نحال (كلية الآداب والعلوم الإنسانية ببني ملال، جامعة السلطان مولاي سليمان ، المغرب) في موضوع (أهمية الظواهر التطريزية في الفعل القرائي)، والإشكالية التي تحملها الورقة هي حول حدود العلاقة بين الظواهر التطريزية والقراءة. مؤكدا أهمية الوعي الفونولوجي في تدريسية القراءة.

المداخلة الخامسة خاصة بالأستاذ سليمان لمراني علوي (المدرسة العليا للأساتذة بفاس، سايس، المغرب) في موضوع (أهمية الوعي الصوتي في تعلم القراءة، الطور الأول من المرحلة الابتدائية أنموذجا)، منطلقا من التقارير الوطنية والدولية حول ضعف التلاميذ في القراءة، مما جعل الباحث يمنح الأهمية للوعي الصوتي في تدريس القراءة، خاصة في مرحلة الابتدائي. وتعتمد هذه المقاربة على مكونات القراءة الخمس للوعي الصوتي من خلال المبدأ الأبجدي، والمفردات، والطلاقة، والفهم. مع عدم إغفال الجانب الذهني للعمليات المعرفية المرتبطة بالفعل القرائي.

  • الجلسة العلمية الثامنة: قراءة في المشروعين الصواتي والسيميائي للدكتور مبارك حنون

هي جلسة تكريمية للدكتور مبارك حنون عبر قراءة في مشروعين من كتاباته، وقد ترأسها الدكتور محمد الغريسي والذي رأى هذه الندوة ترسخ ثقافة الاعتراف بما قدمه المحتفى به من مشاريع معرفية، ومنح الكلمة الأولى لمداخلة الدكتور محمد فتحي (المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بفاس، المغرب) موضوع مداخلته (قضايا واتجاهات الدرس الصوتي العربي المعاصر دراسة في المنجز الصواتي لمبارك حنون)، معتبرا المنجز الصواتي للدكتور مبارك حنون مشروعا متسعا، وأن الفرصة قد أتيحت للدكتور فتحي للاطلاع على مجموعة كبيرة من أعمال الدكتور حنون المنشورة وغير المنشورة. مشيرا إلى أن الدرس الصواتي عنده متفرع للعناية بالمصطلح والصواتة والترجمة وغيرها…وأن اتجاهات البحث لدى الدكتور حنون متنوعة تضم التراث واللسانيات الحديثة.

والكلمة الثانية للدكتور إدريس عمراني (المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بمكناس، جامعة مولاي إسماعيل، المغرب) في موضوع (بحث في التقاطعات بين الدرس اللساني والدرس السيميائي؛ قراءة في المشروع السيميائي للدكتور مبارك حنون)، أما عن النقاط التي عرضها الدكتور فهي؛ تأسيس نظري للمعرفة السيميائية والمعرفة اللسانية، ثم الباحث مبارك حنون مسار علمي لمشروع علمي متعدد (تشييد مشروع لسانيات متعددة؛ نحو مقاربة الاشتغال، ثم بين السيميائيات واللسانيات؛ جسور التقاطع والامتداد)، وأخيرا المراجعات النقدية للسيميائيات العربية للدكتور مبارك حنون.

والكلمة الثالثة للدكتور خالد النعامي (الكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية، جامعة مولاي إسماعيل، المغرب) مداخلته في موضوع (الأبعاد الفلسفية للصواتة الإيقاعية عند الأستاذ مبارك حنون)، فقد أظهر الدكتور حنون مبارك ذلك الارتباط بين كتب التراث والمناهج اللسانية الحديثة، ويرى الدكتور خالد النعامي أن من أدوار الأستاذ الجامعي أن يظهر فوائد كتب التراث للطلبة ويكتشفوا فوائدها بما استجد من نظر، وهو ما فعله الدكتور حانون من خلال ظاهرة الوقف.

والكلمة الرابعة للأستاذ عبد الله بولنوار (الكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية، جامعة مولاي إسماعيل، المغرب) والذي قدم (قراءة في كتابي: “دروس في السيمييائيات” و”في السيمييائيات العربية القديمة”، للدكتور حنون مبارك) من خلال أربعة محاور وهي؛

  • مقدمة تشمل التعريف بالمؤلف والكتابين وسبب اختيارهما، وما يحاول المؤلف الإجابة عليه فيهما؟
  • القضايا المحورية لكتاب “دروس في السيمييائيات” وكتاب “في السيمييائيات العربية القديمة”، والمبتكر والتليد فيهما.
  • سؤال المنهج (طرائق العرض) في الكتابين، والتوافق والتباين بينهما.
  • تسليط الضوء على القيمة العلمية للاستنتاجات المتوصل إليها.

  • اختتام أشغال الندوة الدولية

ترأس هذه الجلسة الدكتور أحمد البايبي، ومنح الكلمة الأولى للسيد عميد الكلية ينوب عنه الدكتور جواد فوصحي نائب العميد المكلف بالبحث العلمي، وقبل كلمته شكر له رئيس الجلسة عنايته التقنية بالبث المباشر لفعاليات الندوة،  وقد  بشر الدكتور فوصحي باسم العميد الحضور بوعد إدارة الكلية بنشر أشغال الندوة، ليظل الأثر المكتوب للطلبة ويستفيدوا منه دوما. أما الكلمة الثانية فقد خصصت للدكتور امحمد اموحو لتلاوة توصيات الندوة الدولية، ومنها؛ ضرورة خلق شبكة صواتية للباحثين والأساتذة، وكذلك توصية بتنظيم ورشات جانبية للندوة مخصصة لطلبة الماستر والدكتوراه، وأيضا نشر أعمال الندوة، بالإضافة لتوصيات تقنية منحت للجنة المنظمة.

والكلمة الثالثة والمخصصة لضيوف الكلية ألقاها الدكتور محمد الفتحي، ثمن من خلالها مبادرة عقد هذه الندوة، وكذلك نوه بالتكريم الخاص بالدكتور حنون مبارك، وقدم تهنئة لكل من ساهم في نجاح الندوة من لجان علمية وتنظيمية وفريق الدعم التقني الذي أسهم في نشر الندوة على صعيد أكبر عبر بثها المباشر. وأخيرا قدَّر باعتزاز مشاركات الباحثين والباحثات من داخل المغرب أو خارجه.

والكلمة الرابعة للدكتورة أسماء كينني قدمتها باسم منسقي الندوة الدولية وعن اللجنة المنظمة، نوهت الدكتورة أولا بالانتقاء المتخصص لموضوع الندوة ولأهدافها الدقيقة. مقدمة الشكر والعرفان لجميع المتدخلين بما بعثوه من أوراق علمية جادة من شأنها أن تفتح آفاقا للباحثين. متفائلة أن تكون هذه الندوة نواة لسلسلة من الندوات الصواتية المتخصصة والمتناوبة. كما قدمت خطابا مباشرا للدكتور مبارك حنون، المبارك علميا والحنون إنسانيا مع جميع طلبته. داعية له بموفور الصحة والعافية. وفي النهاية أشارت إلى ما لقيته الندوة من إقبال لدى الباحثين داخل المغرب وخارجه وأنه تم الاكتفاء بالورقات البحثية المقدمة نظرا للحيز الزمني المخصص للندوة.

وختمت الندوة الدولية كما بدأت بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، تلاها الدكتور عبد المجيد طلحة.

أعضاء اللجنة المنظمة:

 د.أحمد البايبي،  السيد أحمد شكري،  د. إدريس عميراني،  دة.أسماء كينني، د.امحميد اموحو،  د. جواد فوصحي، د.خالد النعامي،  د. عبد العزيز العلميي، د.عبد الكبير حميدي، د.عبد الكريم الدخيسي،  د.عبد الله صغيري، د.لحبيب عيادي،  د.لخلافة كريم،  ذة. مارية مفتاحي،  د.محمد الحفظاوي، د.محمد السهول،  د.محميد الغريسي، د.محمد امراني علوي،  د.محمد النو،  د.المهدي المنهابي،  دة. نور الهدى عرباوي.

[1] – الأهداف والمحاور من ديباجة الندوة.

تعليقات