دور الممتلكات العقارية الوقفية في التنمية المستدامة

قئة المقال:دراسات وأبحاث

مقدمة

يضم قطاع الأوقاف في الجزائر أملاكا يغلب عليها الطابع العقاري, ذات وعاء اقتصادي متنوع, من الأراضي الفلاحية والمساكن والمحال التجارية, والمساجد والمدارس القرآنية, والأملاك الثقافية العقارية الأثرية؛ كالمعالم التاريخية، والمواقع الأثرية. ويعتبر الوقف أحد مظاهر الرقي الحضاري للأمة الإسلامية، فالمتتبع للتاريخ يقف على دور الأموال الوقفية في تغطية غالبية احتياجات الأمة في كافة مناحي الحياة، إلا أن النظرة الضيقة للوقف على أنه مؤسسة دينية, تعنى بشؤون المساجد والقائمين عليها فقط؛ أدى إلى تركيز الدراسات على البعد الديني, وانحسار دور الوقف, دون النظر إلى الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية للوقف، وأنه جزء مهم من ثروة المجتمع، يمكن أن توظف بما يخفف العبء على موازنة الدولة في تقديم الخدمات التعليمية والاجتماعية والصحية للمجتمع.

وفي ظل الدور الذي أداه الوقف خاصة العقاري منه على مر العصور في تحقيق التنمية الشاملة للمجتمع، والأخذ بأهداف التنمية المستدامة في الكثير من الخطط التنموية للبلدان النامية، تبدو الحاجة ماسة إلى تفعيل دور الأوقاف العقارية مع حركة الاقتصاد الوطني, بما يخدم الدولة والأمة في حاضرها ومستقبلها.

تهتم هذه المداخلة ببيان مفهوم الوقف العقاري، وعلاقته بالتنمية المستدامة, وإظهار دور الوقف في مختلف جوانب التنمية الاقتصادية والاجتماعية, وعرض واقع وآفاق تنمية العقارات الوقفية في الجزائر, وإبراز مدى الدور الذي تقوم به الوزارة الوصية في إدارة وتسيير الأملاك الوقفية واستثمارها, من خلال مختلف العقود التي أوردها المشرع في القانون 01-07 المتعلق بالأوقاف المعدل والمتمم، وتتنوع هذه العقود بحسب طبيعة الملك الوقفي والغرض المخصص له, مع مراعاة إرادة الواقف وأحكام الشريعة الاسلامية, بالرجوع إليها في كل ما لم يرد به نص. فما مدى مساهمة صيغ العقود الاستثمارية في تطوير قطاع الوقف العقاري لتحقيق التنمية المستدامة في الجزائر؟ لمعالجة هذا الموضوع قسمته إلى مبحثين تناولت في الأول: الاطار المفاهيمي للوقف العقاري والتنمية المستدامة, وفي الثاني: واقع وآفاق تنمية العقارات الوقفية في الجزائر.

 المبحث الأول: الاطار المفاهيمي للوقف العقاري والتنمية المستدامة

يقصد بوقف الأملاك العقارية حبس العين والتصدق بمنفعتها على جهة من جهات البر، فهو نظام شرعي وباب من أبواب الخير, نظمه المشرع الجزائري بأحكام خاصة في قانون الأسرة وقانون الأوقاف الصادر بموجب القانون رقم 91/ 10 المؤرخ في 27/04/1991 المعدل والمتمم. وتتمثل الممتلكات العقارية الوقفية في المباني والعناصر ذات الصفة الأثرية التي تشمل: المعالم التاريخية والمواقع الأثرية والمجموعات الحضرية أو الريفية, التي تخضع لأحد أنظمة الحماية المنصوص عليها في أحكام المادة الثامنة من قانون حماية التراث الثقافي[1].

إن المقصود بمصطلح التنمية المستدامة، ينصرف إلى تنمية الأصول الوقفية و ريعها, بالإضافة إلى جذب أوقاف جديدة، كما أنه يشير إلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية, وتتضمن التنمية المستدامة التخطيط لتنمية اقتصادية نافعة غير ضارة بالبيئة، ولا تضع قيودا على طموحات الإنسان المشروعة لتحقيق التقدم والنمو الاجتماعي والاقتصادي, وتراعي حق الأجيال القادمة في ثروات الأجيال الحاضرة.

المطلب الأول: مفهوم الوقف العقاري

الوقف بصورة عامة هو: حبس الأصل وإبقاؤه قائما, وعدم التصرف فيه أو تصفيته أو بيعه, وتسبيل الثمرة, بإنفاقها في مختلف أوجه البر, والوقف العقاري أحد أهم أكثر أنواع الوقف في الجزائر, وسنتناول في هذا المطلب تعريف الوقف والعقار في المفهومين اللغوي والاصطلاحي.

الفرع الأول: تعريف الوقف

أولا: الوقف لغة: الحبس. ويقال: وقفت الدار وقفا بمعنى حبستها، وجمعه: أوقاف، مثل ثوب وأثواب. والوقف والحبس بمعنى واحد[2]، ويقصد بالوقف أيضا التسبيل نحو قوله: سبل ضيعته تسبيلا أي جعلها في سبيل الله[3].

ثانيا: الوقف اصطلاحا: عرف الوقف في الفقه والقانون بتعريفات متقاربة؛ من حيث المقصد من إنشاء الوقف, ودوره التنموي الاقتصادي والتكافلي الاجتماعي، إلا أنهم اختلفوا في الأحكام المتعلقة به؛ من حيث حق التصرف فيه واسترجاعه، ومدة الوقف، وغير ذلك من الأحكام الفرعية.

1 ـــــ الوقف في الفقه الإسلامي: أورد الفقهاء عدة تعريفات للوقف  نختار منها أنه: “تحبيس الأصل، وتسبيل الثمرة أو المنفعة”[4]، سبّلت الثمرة بالتشديد جعلتها في سبل الخير وأنواع البر أو هو: “تحبيس الأصل، وتسبيل المنفعة”[5]. وهذا التعريف مأخوذ من قول النبي صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه: “إن شئت حبست أصلها، وتصدقت بها”[6]. وقد عرفه أبو حنيفة بأنه: « حبس العين على ملك الواقف والتصدق بمنفعتها على جهة من جهات البر في الحال أو المآل»[7], فهو يرى أن الموقوف لا يخرج عن ملك صاحبه, يتبرع بمنفعته فحسب, ويبقى بعده لورثته, فهو عنده غير لازم ويجوز الرجوع فيه[8]. فعنده يجوز جواز الإعارة, فتصرف منفعته إلى جهة الوقف مع بقاء العين على حكم ملك الواقف, ولو رجع عنه حال حياته جاز مع الكراهة, ويورث عنه.

أما جمهور الفقهاء فيرون أن الوقف هو: «حبس العين على أن تكون مملوكة لأحد من الناس, وجعلها على حكم الله تعالى، والتصدق بالمنفعة على جهة من جهات البر ابتداء وانتهاء»[9]. وبالتالي فهم على خلاف أبي حنيفة يرون أن الوقف يخرج المال الموقوف عن ملك واقفه, بعد تمام الوقف، ويمنعه من التصرف في العين الموقوفة بعوض أو بغير عوض, وإذا توفي الواقف  فلا ينتقل لورثته، وبهذا تثبت صفة اللزوم والاستمرار للوقف, إذ لا يجوز الرجوع عن الواقف بحال.

وأما المالكية فيعرفون الوقف بأنه: « حبس العين عن التصرفات التمليكية, مع بقائها على ملك الواقف والتبرع اللازم بريعها على جهات البر»[10]. يتبين أن المالكية التزموا موقفا وسطا بين المذهبين السابقين، فمتى تم الوقف يمنع الواقف من التصرف في العين الموقوفة، ويلزم بالتصدق بالمنفعة مع بقاء العين على ملكه؛ فهم يتفقون مع مذهب أبي حنيفة في أن العين الموقوفة لا تخرج عن ملك الواقف، ولكنه يمنع من التصرفات الناقلة للملكية فيها، ويلتزم بالتصدق بمنفعتها, ولا يجوز له الرجوع عن الوقف, كما هو مذهب جمهور الفقهاء.

وبالتالي فرغم تباين أراء الفقهاء بشأن تعريفات الوقف من منطلق مذهب كل واحد منهم, والشروط المقررة في كل مذهب, إلا أنهم أجمعوا على أن الوقف في مضمونه هو عمل خيري دائم يراد به تحقيق النفع العام.

2 ـــــ الوقف في التشريع الجزائري

نص المشرع الجزائري في المادة 213 من قانون الأسرة الجزائري على أن: « الوقف حبس المال عن التملك لأي شخص على وجه التأبيد والتصدق». إذا حللنا هذه المادة فيمكن أن نستخلص منها أن المشرع الجزائري أخذ بالرأي الفقهي الثاني[11], الذي يخرج المال الموقوف عن ملك الواقف بعد تمام الوقف[12], ويمنعه من التصرف في العين الموقوفة، ويجعل ملكية الوقف على حكم الله تعالى بخلاف المشرع الجزائري الذي بالرغم من أنه أخرج المال الموقوف عن ملك واقفه أو أي شخص آخر كالموقوف عليهم, إلا أنه لم يحدد صراحة إلى من تؤول هذه الملكية[13]؟ وإذا كان هذا هو تعريف قانون الأسرة للوقف، فإن القضاء الجزائري اعتمد التعريف نفسه, حيث قضت المحكمة العليا بما يلي: « الوقف هو حبس المال عن التملك لأي شخص على وجه التأبيد والتصدق»[14], فالمشرع الجزائري أورد في المادة السابقة عبارة التأبيد، وهو الاتجاه الذي قال به جمهور فقهاء المسلمين, الذين يشترطون التأبيد لصحة الوقف؛ لأن الوقف في رأيهم صدقة دائمة بشرط صحة الوقف, فلا يوقف على جهة تنقطع[15]، وهو ما أكده المشرع في المادة 28 من قانون الأوقاف, التي تنص على أنه: « يبطل الوقف إذا كان محددا بزمن»[16]. وبالتالي فإن المشرع الجزائري سلك مذهبا وسطا بين رأي الحنفية والمالكية وأخذ برأي جمهور الفقهاء.

يتضح من هذه التعاريف السابقة أنها تتناسب مع حقيقة الوقف القانونية وطبيعته الاقتصادية ودوره الاجتماعي، وذلك من حيث أن الوقف صدقة جارية ما بقيت أو بقي أصلها؛ يعبر عن جميع أشكال الوقف وأنواعه فهو حبس عن الاستهلاك الشخصي، بما يعني أنه ينشئ رأس مال اقتصادي قادر على إنتاج المنافع, يتضمن حفظ المال الموقوف والإبقاء عليه؛ حتى يمكن تكرار الانتفاع به أو بثمره، وبهذا يتضمن معنى استمرارية وجود المال.

الفرع الثاني: تعريف العقار

تصنف الأموال والأملاك المادية بحكم ثباتها أو قابليتها للنقل إلى عقارات و منقولات. وسنتناول في هذا الفرع تعريف العقار لغة واصطلاحا.

أولا: العقار لغة: كل ملك له أصل وقرار ثابت؛ كالأرض والدور والشجر والنخل، وهو كل شيء ثابت له أصل وهو مأخوذ من عقر الدار – أصله -، وجمعه عقارات، ويقابله المنقول، والعقار من كل شيء خياره[17].

ويعرف بأنه :” الشيء الثابت المستقر في مكانه بوضعية تجعله غير قابل للنقل إلى مكان آخر دون تلف”[18]. والعقارات أيضا هي الأشياء الثابتة الحائزة لصفة الاستقرار, سواء كان ذلك من أصل خلقتها أو بصنع صانع، ولا يمكن نقلها دون أن يعتريها تلف أو خلل[19].

ثانيا: العقار اصطلاحا: يراد به ما يملكه الإنسان من الأراضي، والمنشآت عليها، من البيوت، والقصور، والعمائر، والشقق، والدكاكين، ومحطات الوقود، والاستراحات، والأراضي، ونحوها بأي سبب كان من أسباب الملك: من إحياء أو شراء أو إرث أو هبة[20].

والوقف باعتبار ما يمكن وقفه نوعان: وقف العقار ووقف المنقول, والذي سأتناوله في هذه المداخلة هو: “الوقف العقاري”؛ لأنه الأصل في الوقف[21], ويكاد ينعقد الإجماع على جوازه ومشروعيته، بخلاف وقف المنقول فالخلاف فيه مشهور, والانتفاع بالعقار أوسع وأشمل، والمنقول وإن كان مستمرا لا يتلف بالانتفاع به، فهو محدود النفع في الغالب، معرض للتلف والهلاك. فمن وقف فرسا على المجاهدين أو سلاحا مثلا أو طائرة, ليس كمن أوقف عقارا ثابتا، وليس معنى ذلك التهوين من شأن وقف المنقول، بل المراد بيان الحال والواقع، وإلا فرب وقف لمنقول كان ثوابه أضعاف ثواب وقف العقار، لأن العبرة في الوقفين بالأثر المترتب عليهما، ومدى نفع  المتحقق للموقوف عليهم.

الفرع الثالث: حكم وقف العقار

اتفق الفقهاء على جواز وقف العقار بلا خلاف، بل إن العقار هو المثال الذي يذكره الفقهاء صورة تطبيقية للوقف المتفق عليه بين الفقهاء[22]، ثم يتحدثون عن الفروع المختلف فيها، وعباراتهم في ذلك تدور حول معنى واحد مفاده: “يجوز وقف العقار كالدور والأرضين والبناء”[23].

دلت على مشروعية الوقف بصورة عامة نصوص من القرآن الكريم، وفصلته أحاديث من السنة النبوية، وعمل به الصحابة، وأجمعوا على مشروعيته. كما نقل ذلك أهل العلم وذهبوا إليه.

فمن القرآن الكريم: قوله تعالى: ﴿ لن َتَناُلواْ الْبر حتَّى ُتنفُقواْ مما تحبون وما ُتنفُقواْ من شيء َفإِن الّله ِبه عليم ﴾. (آل عمران، آية: 92 ). وقد جاء في صحيحي الإمامين البخاري ومسلم، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال : كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالا من نحل، وكان أحب أمواله إليه بير حاء، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب، قال أنس : فلما أُنزلت هذه الآية، قام أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، إن الله تبارك وتعالى يقول: ﴿ َلن َتَناُلواْ الْبر حتَّى ُتنفُقواْ  مما تحبو ن… ﴾ ، وإن أحب أموالي إلي بير حاء، وإنها صدقة لله، أرجو برها وذخرها عند الله فضعها يا رسول الله حيث أراك الله. قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (بخْ ذلك مال رابح ، ذلك مال رابح ، وقد سمعت ما قلت، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين). فقال أبو طلحة أفعل يا رسول الله . فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه.

وقال عليه الصلاة والسلام :(( إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة : إلا من صدقة جارية ، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له )). رواه مسلم وأبو داود وغيرهما.

ومن فعل النبي صلى الله عليه وسلم: أخرج البخاري في صحيحه عن عمرو بن الحارث قال: “ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته درهما ولا دينارا ولا عبدا ولا أمة ولا شيئا إلا بغلته البيضاء وسلاحا وأرضا جعلها صدقة”[24].

ومن عمل الصحابة رضي الله عنهم: فقد وقف كثير من الصحابة أرضهم، والأمثلة على ذلك كثيرة، منها: وقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه أرضه في خيبر: عن ابن عمر رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب أصاب أرضاً من أرض خيبر فقال: يا رسول الله أصبت أرضا بخيبر، لم أصب مالا قط أنفس عندي منه، فما تأمرني؟ قال: إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها، فتصدق بها عمر على أن لا تباع ولا توهب ولا تورث، في الفقراء وذوي القربى والرقاب والضيف وابن السبيل، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف ويطعم غير متمول”[25].

فالوقف قربة، مندوب فعله دلت على مشروعيته نصوص عامة من القرآن الكريم، وفصلته أحاديث من السنة النبوية، وعمل به الصحابة رضوان الله عليهم، وأجمعوا على مشروعيته.

المطلب الثاني: مفهوم التنمية المستدامة

تتضمن التنمية المستدامة التخطيط لتنمية اقتصادية شاملة غير ضارة بالبيئة، ولا تضع

قيودا غير مقبولة على تطلعات الإنسان المشروعة, لتحقيق التقدم والرقي, والنمو الاجتماعي والاقتصادي. وسنحاول من خلال هذا المطلب توضيح معنى التنمية المستدامة لغة واصطلاحا

الفرع الأول: تعريف التنمية المستدامة

أولا: التنمية لغة واصطلاحاً

1 ـــــ التنمية لغة : الزيادة، والنماء، والكثرة، والوفرة، والمضاعفة[26]. نما المال نماء زاد وكثر, وهي مصدر للفعل نما, فيقال تنمية, ونمّى الشيء أي جعله ناميا[27].

2 ـــــ التنمية اصطلاحاً: اختلفت مفاهيم التنمية تبعا للمضمون الذي يركز عليه، لكن يمكن إجمال التعاريف للتنمية بأنها التغيير الإرادي الذي يحدث في المجتمع اجتماعيا، أم اقتصاديا ، أم سياسيا، ينتقل من خلاله من الوضع الحالي إلى الوضع الذي ينبغي أن يكون عليه، بهدف تطوير وتحسين أحوال الناس من خلال استغلال جميع الموارد والطاقات المتاحة في مكانها الصحيح، ويعتمد هذا التغيير بشكل أساسي على مشاركة أفراد المجتمع نفسه[28] .

 ثانيا: المستدامة لغة واصطلاحاً

1 ـــــ المستدامة لغة: جاءت من الفعل استدام الذي جذره (دوم) بمعنى المواظبة على الأمر، وبالتالي يشير إلى طلب الاستمرار في الأمر والمحافظة عليه[29].

2 ـــــ المستدامة اصطلاحاً: التنمية المستديمة التي يديم استمراريتها الناس أو السكان، أما التنمية المستدامة فهي التنمية المستمرة أو المتواصلة بشكل تلقائي, وفي العديد من الدراسات العربية المتخصصة استخدم المصطلحان مترادفين، فبعض الدارسين قال بالتنمية المستدامة وبعضهم الآخر يقول بالتنمية المستديمة[30], ومصطلح التنمية المستديمة (صيغة اسم المفعول) هي أكثر دقة من مصطلح التنمية المستدامة (صيغة اسم الفاعل) وذلك من منظور ما يعكسه المعنى اللغوي في كلا الحالين[31].

ورد مفهوم التنمية المستديمة لأول مرة في تقرير اللجنة العالمية للبيئة والتنمية عام 1987م، وعرفت هذه التنمية في هذا التقرير على أنها: “تلك التنمية التي تلبي حاجات الحاضر دون المساومة على قدرة الأجيال المقبلة في تلبية حاجياتهم”[32].

ويمكن تعريف التنمية المستدامة على أنها: “التنمية التي توفق بين التنمية البيئية والاقتصادية والاجتماعية فتنشأ دائرة متكاملة, من حيث الفعالية فيما يخص الجانب الاقتصادي، العدالة من الناحية الاجتماعية والتوافق مع الناحية البيئية “[33].

وفي ظل هذه التعريفات يمكن القول: أن التنمية المستديمة أو المستدامة تسعى لتحسين نوعية حياة الإنسان, ولكن ليس على حساب البيئة, وهي في معناها العام لا تخرج عن كونها عملية استغلال الموارد الطبيعية بطريقة عقلانية, خاصة في الموارد غير المتجددة, وبأساليب لا تؤدي إلى إنتاج نفايات تعجز البيئة عن امتصاصها وتحويلها، على اعتبار أن مستقبل السكان وأمنهم في أي منطقة في العالم متوقف على مدى سلامة البيئة التي يعيشون فيها، وهنا تبرز أهمية التنمية المستديمة للأجيال الحالية والمستقبلية, في ظل الموازنة بين معدلات الاستهلاك و استغلال الموارد المتجددة دون إلحاق الأذى بالبيئة.

ويتضح من التعاريف السابقة أن للتنمية المستدامة مجموعة من الخصائص نجملها في النقاط الآتية:

  • التنمية المستدامة تتوجه أساسا إلى تلبية احتياجات أكثر الشرائح فقرا في المجتمع, وتسعى إلى الحد من تفاقم الفقر في العالم.
  • للتنمية المستدامة بعد نوعي يتعلق بتطوير الجوانب الروحية والثقافية والإبقاء على الخصوصية الحضارية للمجتمعات.
  • التنمية المستدامة هي عملية تغيير تتم بشكل مستمر ومتصاعد لإشباع الحاجات المتجددة للمجتمع المحلي.
  • تتميز التنمية المستدامة بشمول جميع النواحي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، كما تشمل أيضا كل قطاعات المجتمع المحلي تحقيقا للعدالة وتكافؤ الفرص.
  • لا تقتصر التنمية على توفير الخدمات الأساسية للمواطنين وتوزيعها بعدالة، بل تتعداه

إلى إقامة مشروعات إنتاجية لزيادة الدخول لسكان المجتمع المحلي، بالإضافة إلى توفير التدريب والتكوين, ودعم المشروعات الاقتصادية القائمة على الجهود الذاتية, واستثمار الموارد المحلية في المشروعات المدرة للأرباح[34].

وبالتالي يمكن القول بأن التنمية المستدامة هي  التنمية التي تحقق التوازن بين الأنظمة الثلاثة البيئية والاقتصادية والاجتماعية، وتساهم في تحقيق أقصى قدر من النمو والارتقاء.

المبحث الثاني: واقع وآفاق استثمار العقارات الوقفية في الجزائر

لم يتضمن المرسوم التنفيذي 18- 213  تعريفا لهذا الصنف من الأملاك العقارية الوقفية، إلا أن المادة 07 من هذا المرسوم حددت العقارات التي يمكن أن تكون محلا لعقد الاستثمار وهي:

العقارات المبنية الجاهزة لاستقبال مشاريع استثمارية، الأراضي غير المبنية الموجهة لاستقبال مشاريع استثمارية، العقارات المبنية التي تحتاج إلى إعادة تهيئة أو توسعة أو إدخال تحسينات عليها أو هدم بغرض إعادة البناء أو تغيير في استعمالها الأولي لاستقبال المشاريع الاستثمارية.

ويتناول هذا المبحث واقع وآفاق مساهمة صيغ العقود الاستثمارية في تطوير قطاع الوقف العقاري في الجزائر, وفاعليتها في تحقيق التنمية المستدامة. وقد قسمته إلى مطلبين تطرقت في الأول إلى واقع استغلال واستثمار العقارات الوقفية في الجزائر, وفي الثاني إلى آفاق استغلال واستثمار العقارات الوقفية في الجزائر.

المطلب الأول: واقع استغلال واستثمار العقارات الوقفية في الجزائر

على الرغم من كثرة الأعيان الوقفية العقارية والمنقولة, في العديد من البلدان وفي مقدمتها الجزائر، إلا أن الإهمال والتهميش قد طالها بشكل أو بآخر، ومن ثم دعت الضرورة إلى إعادة النظر في كيفية تنمية واستثمار هذه الأوقاف وخاصة العقارية منها. وسأقسم هذا المطلب إلى فرعين أتطرق في الأول إلى: واقع الأوقاف العقارية الجزائرية بعد الاستقلال, وفي الثاني إلى: الأملاك الوقفية في الجزائر وطرق استثمارها.

الفرع الأول: واقع الأوقاف العقارية الجزائرية

كانت للأوقاف في الجزائر أهمية كبيرة خاصة في أواخر العهد العثماني، فكانت الثروة الوقفية في هذه الفترة كثيرة ومتنوعة شملت عددا كبيرا من الأملاك العقارية والممتلكات العقارية الثقافية, والأراضي الزراعية[35]. غير أن هذا الكم الهائل من الممتلكات سرعان ما امتدت إليه يد المحتل وعملت على مصادرته، فنظام الأوقاف في نظر سلطات الاحتلال الفرنسي يتنافى مع المبادئ الاقتصادية التي يقوم عليها وجوده[36], وهكذا استمرت القوانين الجائرة والمخططات الهادفة لتصفية المؤسسات الوقفية بالجزائر[37].

أولا: واقع الأوقاف بعد الاستقلال

بعد استقلال الجزائر ونتيجة للفراغ القانوني الكبير، واجهت الدولة الجزائرية فراغا قانونيا صعب من مهمة القيام بالثروة العقارية الوقفية واستغلالها واستثماره, حيث صدر أمر في شهر ديسمبر 1962 يمدد سريان القوانين الفرنسية، واستثنى تلك التي تمس بالسيادة الوطنية، وبالتالي لم يكن ضمن اهتمامات الدولة موضوع الأوقاف المتبقية, أو التي ضاعت, مما أثر سلبا على وضعيتها, بل استمر العمل بالقانون الفرنسي في التعامل مع الأملاك الوقفية، ولذا لم تكتسب الأوقاف الشرعية القانونية اللازمة للقيام بدورها، بل حصر دورها في مجالات ضيقة مثل المساجد والكتاتيب والزوايا.

ولتدارك الموقف صدر أول مرسوم في سبتمبر 1964 يتضمن نظام الأملاك الموقوفة العامة باقتراح من وزير الأوقاف، إلا أن هذا المرسوم لم يعرف التطبيق الميداني، وبقي حال الوقف مثلما كان على عهد الاحتلال[38]. 22 وفي نوفمبر 1971 صدر مرسوم الثورة الزراعية، أنه استثنى الأراضي الموقوفة من التأميم, إلا أنه لم يطبق، وأدرجت معظم الأراضي الوقفية ضمن الثورة الزراعية، مما زاد من تراجع وضعية الأملاك الوقفية, حتى تلك التي كانت معروفة بعد الاستقلال، ولم يطلها النهب أثناء الفترة الاستعمارية، وهذا ما عقد من مشكلة العقار الوقفي.

وظلت وضعية الأملاك الوقفية في الجزائر سيئة مع مرور الزمن، رغم صدور قانون الأسرة في جوان 1984 الذي لم يأت بجديد فيما يخص تنظيم الأملاك الوقفية, لكنه أشار إلى مفاهيم عامة حول الوقف, وبصدور دستور1989 كانت بداية الانطلاقة الفعلية في حماية الممتلكات الوقفية وإصلاحها, الذي نص في المادة 49 على أن الأملاك الوقفية، وأملاك الجمعيات الخيرية معترف بها, ويحمي القانون تخصيصها، وبذلك أصبحت تتمتع بالحماية القانونية الدستورية, مما عزز من مكانة الأوقاف في القانون الجزائري، واستطاعت أن تصل إلى قانون  يضمن استغلالها وتثميرها، بما يمكن من توسيع قاعدتها وترقية أدائها في المجتمع.

وتتوالى العملية التشريعية بصدور قوانين ومراسيم وقرارات، ومن بينها ما يلي: القانون رقم 91/10 المؤرخ في 12 شوال عام 1411 ه الموافق 27 أبريل 1991 المتعلق بالأملاك الوقفية وتضمن 50 مادة تنظيمية. 23 /10 المرسوم التنفيذي رقم 98/381 المؤرخ في 12 شعبان 1419 ه الموافق 1 ديسمبر 1998. الذي حدد شروط إدارة الأملاك الوقفية وتسييرها وحمايتها وكيفيات ذلك، حيث تضمن خمسة فصول و 40 مادة في مختلف الأحكام.

القرار الوزاري المشترك رقم 31 المؤرخ في 14 ذي القعدة 1419 ه الموافق 2 مارس 1999 المتضمن إنشاء صندوق مركزي للأوقاف بإشراف وزارتي المالية والشؤون الدينية والأوقاف. قرار وزاري بتاريخ 10 أفريل 2000 يحدد كيفيات ضبط الإيرادات الوقفية ونفقاتها, حيث اهتم بتنمية الوقف واستثماره. إلى أن جاء قانون  01/ 07 الصادر بتاريخ 22 ماي 2001 المعدل والمتمم الذي يعد فعليا نقطة الانطلاق في إطار التقنين للاستثمار الوقفي العقاري في الجزائر، لكن قانون 01/07 فصل صيغ الاستثمار الوقفي بشكل أكثر وضوحا.

ثانيا: مميزات الوقف العقاري الجزائري

للوقف العقاري الجزائري خصائص عدة, يمكن ذكرها بإيجاز في النقاط التالية:

– تمثل الأملاك الوقفية العقارية الوعاء الأكبر من بين الممتلكات الوقفية في الجزائرية ، مما يجعل سيولتها ضعيفة، هذا من جانب، أما من الجانب الآخر فهي تحافظ على قيمتها مع مرور الزمن.

– أغلب العقارات الوقفية الجزائرية هي بحاجة الى الترميم والصيانة، حتى أن بعضها

يحتاج إلى إعادة بناء.

– غياب المرجعية الوقفية لمعظم الأملاك الوقفية في الجزائر ، مما جعل جهود القائمين

على الأوقاف تنصرف إلى البحث والتنقيب عليها.

– تعرض الكثير من الأوقاف إلى الاعتداء والنهب، خاصة في الوقت الذي شهد فيه

الوقف فراغا قانونيا.

– الأوقاف الجزائرية موقوفة على التأبيد، مما يجعل من استمرارية الوقف مسالة جوهرية[39].

ولهذا اتجه تفكير السلطة المكلفة بالأوقاف إلى ضرورة استثمار أموال الوقف, فبدأت الشؤون الدينية والأوقاف أصعب مهمة، وهي حصر واسترجاع الأملاك الوقفية الكثيرة، التي لحقها النهب والتأميم, قبل وبعد الاستقلال, كل ذلك صعب من عمل إدارة الأوقاف ، كما يوجد عدد كبير من الأملاك الوقفية لم يتم استرجاعها بعد, لعدة أسباب قانونية أو تاريخية، وتسعى الوزارة لاسترجاعها, والقيام بالإعداد لمشروعات تهدف إلى استثمار هذه الأوقاف لتكون مصدرا لتمويل التنمية.

 الفرع الثاني: استثمار الأملاك الوقفية العقارية في الجزائر

إن الاستثمار الوقفي العقاري في الجزائر لم يعرف تطبيقات ميدانية كبيرة، ذلك أن الوتيرة التي تسير بها مختلف المشاريع الاستثمارية الوقفية ضعيفة، علما أنها مشاريع مهمة وتبرز النقلة النوعية في هذا المجال كمشروع حي الكرام ببلدية السحاولة بالعاصمة، ومشروع المسجد الأعظم، ويتضح من خلال هذه المشاريع النموذجية, أن هنالك نقلة نوعية في التفكير الخاص بالاستثمار الوقفي، وهذا لم يكن ممكنا قبل صدور النصوص القانونية  التي تجيز مثل هذه الاستثمارات، وكانت بداية التفكير باستثمار الأملاك الوقفية وتنميتها بصدور أول قانون للأوقاف[40]، حيث أتاحت المادة 45 منه إمكانية استثمار الأملاك الوقفية ونصت على ما يلي:” تنمي الأملاك الوقفية وتستثمر وفقا لإرادة الواقف وطبقا لمقاصد الشريعة الإسلامية في مجال الأوقاف حسب كيفيات تحدد عن طريق التنظيم”، ومع هذا اقتصر التنظيم على الاستغلال الإيجاري فقط ومراجعة أسعاره[41].

وظل الأمر على هذا الوضع إلى أن جاء القانون01/ 07 ليعدل ويتمم القانون 91 /10 كأول خطوة في إطار التقنين للاستثمار الوقفي العقاري, وعلى أساسه يمكن تحديد أهم صيغ الاستثمار والاستغلال الوقفي التي جاء بها هذا القانون إلى جانب صيغة الاستغلال الإيجاري كالآتي:

أولا: إيجار الأملاك الوقفية: نصت عليه المادة 42  من القانون 91/10 بقولها:” تؤجر الأملاك الوقفية وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية”. ليأتي بعد ذلك المرسوم التنفيذي98/381 منظما له حيث ذكر بأن إيجار الملك الوقفي سواء كان بناء أو أرضا بيضاء أو أرضا زراعية أو مشجرة، يتم عن

طريق المزاد العلني.

ثانيا: عقد الحكر: وهو الذي يخصص بموجبه جزء من الأرض العاطلة للبناء, أو الغرس لمدة معينة، مقابل دفع ما يقارب قيمة الأرض الموقوفة وقت إبرام العقد، مع التزام المستثمر بدفع إيجار سنوي يحدد في العقد مقابل حصة في الانتفاع بالبناء أو الغرس وتوريثه خلال مدة العقد[42].

ثالثا: المرصد: هو السماح لمستأجر الأرض بالبناء فوقها مقابل استغلال إيرادات البناء، وله الحق في التنازل باتفاق مسبق طيلة استهلاك قيمة الاستثمار[43].

 رابعا: عقد الاستبدال: الحالات التي يمكن من خلالها استبدال وتعويض ملك وقفي بملك آخر على سبيل الحصر وهي:

1 ــــ حالة تعرض الملك الوقفي للضياع والاندثار، أو حالة فقدان منفعة الملك الوقفي مع

عدم إمكان إصلاحه.

2 ــــ حالة ضرورة عامة، كتوسيع مسجد أو مقبرة، أو طريق عام في حدود ما تسمح به

الشريعة الإسلامية.

3 ــــ حالة انعدام المنفعة في العقار الموقوف اطلاقا، شريطة تعويضه بعقار مماثل أو أفضل منه.

خامسا: عقد المقايضة: ويتم بمقتضاه استبدال جزء من البناء بجزء من الأرض حسب النص القانوني، وقد أغفل ذكر العملية العكسية أي استبدال جزء من الأرض بجزء من البناء.

سادسا: عقود استغلال واستثمار الأراضي الوقفية الزراعية والمشجرة: تستغل وتستثمر وتنمي الأملاك الوقفية إذا كانت أرضا زراعية أو شجار بأحد العقدين الآتيين:

1 – عقد المزارعة: وهو عطاء أرض زراعية للمزارع ، مقابل حصة من المحصول، يتفق عليها عند إبرام العقد[44].

2 – عقد المساقاة: وهو إعطاء الشجر للاستغلال، لمن يصلحه مقابل جزء معين من ثمره [45].

سابعا: عقود استغلال واستثمار الأملاك الوقفية المبنية والقابلة للبناء: وضمن هذا النوع من العقود يوجد:

1 – عقد المقاولة: تستغل وتستثمر وتنمي الأملاك الوقفية بعقد المقاولة، سواء كان الثمن حاضرا كليا أو مجزأ، ويعرف عند الفقهاء بعقد الاستصناع، وما يعاب على هذه المادة أنها لم تعط تعريفا واضحا لهذا العقد، بل اقتصرت فقط على إقراره.

2 – عقد الترميم والتعمير: ويتعلق بالعقارات الوقفية المبنية المعرضة للخ ا رب والاندثار، حيث

يدفع المستأجر بموجبه ما يقارب قيمة الترميم أو التعمير مع خصمها من مبلغ الإيجار مستقبلا.

ثامنا: عقد القرض الحسن: وهو إقراض المحتاجين قدر حاجتهم على أن يعيدوه في أجل متفق عليه.

تاسعا: المضاربة الوقفية: وهي التي يتم فيها استعمال بعض ريع الوقف في التعامل المصرفي والتجاري من قبل السلطة المكلفة بالأوقاف، وفق أحكام الشريعة الإسلامية. غير أن الإشكال الذي يبقى مطروحا هو أن المنظومة المصرفية الجزائرية تتعامل بالربا باستثناء بنك البركة، مما يتنافى ومقتضى استثمار الأوقاف .

وما يمكن ملاحظته وجود تشابه كبير  بين هذه العقود؛ فمعظمها لا يخرج عن إطار الاستغلال بواسطة الإيجار الوقفي، وهي تعكس أن الأملاك الوقفية في الجزائر أكثرها عقارات وأراضي، وأنها تعاني من ضعف في مركزها المالي، كما أن هذه العقود هي عقود تمويل استغلالي أكثر منها عقود استثمار وقفي بالمفهوم الموسع للاستثمار، هذا إلى جانب أنه لم يتم توضيح وتبيين وسائل وكيفيات تنظيمها وتفعيلها، وضمن هذا السياق يشير القانون 01/07 بنص المادة 26 مكرر منه إلى أنه يمكن أن تستغل وتستثمر وتنمى الأملاك الوقفية بتمويل ذاتي من الصندوق المركزي للأوقاف, أو بتمويل وطني أو خارجي, مع مراعاة القوانين والتنظيمات المعمول بها، ومع ذلك فإن الواقع العملي بقيت تغلب عليه صيغة الإيجار[46].

المطلب الثاني: آفاق تسيير واستثمار العقارات الوقفية في الجزائر

الاستثمار الوقفي للعقار هو تنمية الأموال الوقفية العقارية بوسائل استثمارية مباحة شرعا[47]. ويتم هذا من خلال مشاريع تنموية تحقق الاستفادة منها على نحو مستدام. وتتم عن طريق عقود تبرم بن السلطة المديرة للوقف والمستثمر, سواء كان شخصا طبيعيا أو اعتباريا، محله عقار وقفي, قد يكون أرضا مبنية أو غير مبنية، يلتزم المستثمر بموجبه بإنجاز المشروع الاستثماري, خلال أجل محدد مقابل دفع أجرة, ويثبت له حق الانتفاع بعائدات الاستغلال. وعليه قسمت هذا المطلب إلى فرعين سأتناول في الأول: آفاق تسيير الأوقاف في الجزائر, وفي الثاني: آفاق استثمار الأوقاف العقارية في الجزائر.

الفرع الأول: آفاق تسيير الأوقاف في الجزائر

تقلصت هيكلة الأوقاف لتصبح مسيرة من قبل مديرية فرعية تابعة لمديرية الشؤون الدينية, 24 وفي اطار إعادة هيكلة وزارة الشؤون الدينية، أنشئت مديرية بمسمى “مديرية الشعائر الدينية والأملاك الوقفية”، ونظرا لتزايد الاهتمام الرسمي وتوسيع النشاطات الوقفية من خلال عملية استرجاع الأملاك الوقفية المؤممة ومباشرة البحث عن الأملاك الوقفية المندثرة والمستولى عليها من طرف الأفراد والمؤسسات، كان من الطبيعي ايجاد هيكل إداري يستجيب للظروف المستجدة، فاستقلت الأوقاف لتصبح مديرية قائمة بذاتها، وذلك بصدور المرسوم التنفيذي94/490، والمتضمن تنظيم الإدارة المركزية لوزارة الشؤون الدينية.

كما أن إدارة الأوقاف في الجزائر ليست إدارة مستقلة قائمة بذاتها، بل هي مديريتين فرعيتين من بين المديريات التابعة لمديرية الأوقاف والحج، حيث أن مديرية الأوقاف والزكاة والحج تضم تحتها ما يلي : المديرية الفرعية للبحث عن الأملاك الوقفية والمنازعات, المديرية الفرعية لاستثمار الأملاك الوقفية, المديرية الفرعية للحج والعمرة, المديرية الفرعية للزكاة.

مما سبق يتضح أن إدارة الأوقاف ما هي إلا إدارتان فرعيتان من مديرية الأوقاف والزكاة والحج ، ما يجعلنا نسجل بعض القصور الذي يمكن أن ينجم عن دمج هذه المديريات الفرعية في مديرية واحدة، مما يشتت الجهود لدى العاملين فيها وبشكل خاص لدى مسئوليها، خاصة في أوقات الحج وجمع الزكاة التي تتطلب تفرغا كاملا، مما يعني إهمالا للجوانب الإدارية للأوقاف.

الفرع الثاني: آفاق استثمار الأوقاف العقارية في الجزائر 

يظهر من خلال استعراض القانون 01/07  المعدل والمتمم للقانون 91/10 أن المادة 45 منه هي الوحيدة التي تحدثت صراحة عن استثمار الأملاك الوقفية وربطها بشرط الواقف، وأن تكون مطابقة للشريعة الإسلامية في مجال الأوقاف، إلا أن كيفيات تطبيق ذلك لم توضح فيما بعد عن طريق التنظيم، حيث اقتصرت الاستثمارات على الإيجار ومراجعته وفق الأسعار الحقيقية، غير أن عقودا مثل: الإيجار، الحكر والاستبدال، المزارعة، المغارسة، المضاربة… أنشئت في ظروف وأوضاع استثنائية للأوقاف الجزائرية، ولم يتم العمل على تطويرها، لتواكب أوضاعا وظروفا جديدة، فنجدها على المدى البعيد ساهمت في انخفاض عوائد الأوقاف، وربما هلاك وضياع أصولها، حيث تنشأ عليها حقوقا للأفراد من السهل معالجتها تشريعا، وخروجها من الواقع الاستثماري التقليدي للأعيان الوقفية، وبغرض إدماج القطاع الوقفي في مسار التنمية، كان لابد لعملية الاستثمار الوقفي أن تنسجم مع الحركية الاقتصادية والمالية, للاقتصاد المحلي والعالمي الحديث, والتي تتسم بعدة خصائص منها ما يلي[48].

– الحركة السريعة لرؤوس الأموال بفعل نشاط الأسواق المالية وتكنولوجيات المعلومات؛

– الاتجاه نحو تحقيق كفاءة العملية الاستثمارية خاصة في المشاريع العامة، وذلك عن طريق عقود الشراكة بين القطاع العام والخاص، ومنها عقد البناء، التشغيل، الملكية؛

– هروب الاستثمارات نحو مناطق الجذب الاستثماري، والتي تتعاظم فيها الأرباح، أو الاستفادة من الإعفاءات الضريبية.

إن التكلم عن آفاق تسيير الأوقاف في الجزائر, نابع من التطورات التي تعرفها وضعية الأوقاف فيها، إذ يجب أن نذكر عددا من العناصر كمرتكزات أساسية للتفكير في الآفاق المستقبلية لإدارة الأوقاف في الجزائر، نوجزها فيما يلي[49]:

تطور الاكتشافات العقارية الوقفية؛ فالإحصاءات تتحدث عن أكثر من 4621 عقار وقفي تم استرجاعها وتوثيقها من طرف إدارة الأوقاف الجزائرية.

تسيير أوقاف متنوعة تتوزع على 48 ولاية في بلد بحجم قارة, مساحته تقريبا 2.3 مليون كيلومتر مربع، يتولى متابعتها 26 وكيل أوقاف, ومنازعات عقارية وقفية كثيرة أمام العدالة؛ 600 قضية تم الفصل فيها لصالح الأوقاف و400 قضية تنتظر الحل.

استثمارات وقفية جديدة؛ يتم تجسيدها وفق استراتيجية طويلة الأمد, تحتاج إلى طاقم إداري متخصص، وعلى درجة عالية من الخبرة, في مجال متابعة ومراقبة وتسيير هذه المشاريع.

لذا فإن الحل الأمثل لتطوير إدارة الأوقاف الجزائرية هو إخراجها من إدارة ملحقة بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف، وإعطاؤها الاستقلالية الكاملة.

والخلاصة أنه مع تزايد الحاجة للموارد المحلية؛ فإنه يمكن الاعتماد على الوقف العقاري لتنفيذ مشاريع استثمارية وفق أسلوب تنمية المجتمع المحلي, في مجالات متنوعة مثل الصحة الوقائية, وممارسات متطورة في الزراعة، وتتميز هذه الجهود بميزة أساسية هي تأكيد الاعتماد على الذات, التي تعد أحد المبادئ الأساسية للتنمية المحلية المستدامة.

إن قطاع الوقف العقاري بما يملكه من أوعية عقارية متنوعة وإمكانات تنموية كبيرة, يكن أن يقوم بدور حيوي بارز في عملية التنمية المستدامة, لمواجهة التحديات الاقتصادية لأي بلد؛ بالمشاركة مع القطاع الحكومي والقطاع الخاص، لاسيما إذا ما عملت الدول على تحديث وتطوير هذا القطاع، فالأوقاف إحدى أهم الأدوات التنموية التي تساعد في تحقيق التنمية المتوازية, وتحقيق أعلى العائدات الاقتصادية للمجتمع, إذا أحسن استغلالها وتنظيمها[50]، والواقع يؤكد أن قطاع الأوقاف في كثير من البلدان يعاني من الاهمال ولا يواكب التطور الهائل الحاصل اليوم في العالم.

خاتمة

إن نظام الوقف من النظم الدينية, التي أصبحت في ظل الإسلام مؤسسة عظمى, ذات أبعاد متشعبة دينية واجتماعية واقتصادية، وثقافية وإنسانية، فكانت هذه المؤسسة في ظل الحضارة الإسلامية تجسيدا حيا للسماحة والعطاء والتضامن والتكافل، غطت أنشطتها سائر أوجه الحياة, فحان الوقت لتحويل الأوقاف من مؤسسة حكومية راكدة, إلى هيئة استثمارية رائدة وفاعلة, والتفكير بجدية في إرجاع المكانة اللازمة للأوقاف.

إن استثمار أموال الوقف يحقق مصالح الموقوف عليهم، ويحقق مصالح الأمة عامة، في ترميم الفروقات الاجتماعية، والمساهمة في حل مشكلة البطالة، وتوجيه الاستثمارات إلى القطاعات الانتاجية التي يحتاجها المجتمع. ولا تزال الأوقاف في الجزائر في وضع لا يسمح لها بالقيام بجميع ما هو منوط بها، والوصول إلى دورها التنموي، ولذا وجب ايجاد طرق حديثة للتغلب على الصعاب، لأجل الاستثمار الأمثل للكم الهائل من الأوقاف التي تزخر بها الجزائر، حيث يمكن للتجربة الجزائرية في مجال الأوقاف، الاستفادة من تجارب الدول والمؤسسات الرائدة في مجال استغلال واستثمار الأوقاف, لتحقيق تنمية مستدامة في الجزائر؛ كالصناديق الوقفية الكويتية، والأسهم الوقفية السودانية, والأسهم الوقفية للأمانة العامة للأوقاف بالشارقة في دولة الامارات العربية المتحدة… وذلك لتحويل الأوقاف من مؤسسة حكومية راكدة إلى هيئة استثمارية فاعلة ورائدة.

وفي الختام سنعرض بعض ما توصلنا إليه من نتائج:

1 ـــــ يعد الوقف العقاري ثروة استثمارية إنتاجية وتمويلية, للعديد من المشاريع والمرافق التي تحقق النفع العام، كما يعتبر موردا من الموارد المالية التي تصرف في المشاريع الصحية والتعليمية الخيرية…

2 ـــــ لا يمكن أن تتحقق تنمية الموارد الوقفية، إلا إذا سبقتها أو صاحبتها تنمية العديد من المتطلبات أهمها : استقلالية مؤسسة الأوقاف، وتنمية ثقافة المجتمعِ تجاه الوقف، تنمية قدرات القائمين على الوقف، إتباع الأساليب الحديثة في استثمار أموال الأوقاف.

3 ـــــ ضعف الوعي بأهمية الأوقاف وقلة المشاركة الشعبية في تمويل ودعم التنمية المحلية من خلال المشاريع  الوقفية.

4 ـــــ ظلت أموال الوقف لفترة طويلة تسير بطريقة غير فعالة، عطلت ترقية الأوقاف, بما يتوافق والمعايير العلمية الحديثة في مجال التسيير والإدارة.

5 ـــــ يخفف القطاع الوقفي قسطا كبيرا من الأعباء العامة عن الدولة، مما يحتم على السلطات الوصية الاتجاه جديا سياسيا وقانونيا واقتصاديا نحو تطوير قطاع الأوقاف في الجزائر وتنمية موارده.

بناء على هذه النتائج يمكن تقديم جملة من التوصيات:

1 ـــــ التأكيد على توسيع المشاركة الشعبية وتفعيلها في تحريك ودعم وتمويل التنمية المحلية من خلال الوقف, وتعميق معنى الوقف لدى أفراد المجتمع بالقيام بحملات إعلامية واسعة سواء عن طريق وسائل الأعلام المختلفة, أو عقد المؤتمرات والندوات بهدف تبيين ما للوقف من آثارا تنموية كبيرة.

2 ـــــ الاهتمام بالأساليب الحديثة لإدارة الشؤون المالية والاستثمارية للوقف وذلك بتوفير الكفاءات المؤهلة, ورفع الوصاية على الوقف والاكتفاء بالرقابة فقط.

3 ـــــ تشجيع الأبحاث والدراسات المهتمة بميدان الأوقاف خصوصا تلك المتعلقة بالاتجاهات المعاصرة في تطوير الاستثمار الوقفي, وعدم الاكتفاء بالصيغ التقليدية.

4 ـــــ ترسيخ أهمية العمل الخيري في تحقيق تنمية المجتمعات وذلك عن طريق إدراج ثقافة الوقف, ضمن برامج المنظومة التربوية التعليمية, من خلال التنسيق مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي .

5 ـــــ توسيع نطاق أو مجالات الاستثمار الوقفي في الجزائر, بهدف الحصول على أعلى عائد ممكن من الأرباح, خاصة وان الجزائر تمتاز بامتلاكها لثروة وقفية هائلة.

6 ـــــ تطوير التعاون الدولي في مجال الأوقاف، وهذا من خلال النشاطات التي تمارسها مديرية التعاون والعلاقات مع الخارج، والتي تبحث دائما عن سبل التعاون مع الهيئات العالمية الرائدة المهتمة بتسيير بالأوقاف.

[1] القانون رقم 98-04 المؤرخ في 15/06/ 1998 , المتعلق بحماية التراث الثقافي, الجريدة الرسمية, العدد 44 الصادرة في 17/07/1998 , ص3.

[2] ابن منظور أبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ، لسان العرب ، دار صادر, بيروت، 1956 ، ص 360.

[3] مجموعة من المؤلفين, المعجم الوسيط, ط4, مكتبة الشروق الدولية, مصر, 2004, ص272.

[4] ابن قدامه المقدسي أبي محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد ، المغني، ج8، دار الفكر, بيروت، لبنان، 1998، ص184.

[5] بن قدامة المقدسي شمس الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن محمد بن أحمد,  الشرح الكبير (المطبوع مع المقنع والإنصاف) تحقيق: عبد الله بن عبد المحسن التركي, هجر للطباعة والنشر والتوزيع ، القاهرة , مصر, ط1، 1995 , ج16 ص361.

[6] رواه البخاري حديث رقم (2737)، ومسلم حديث رقم (1632).

[7] برهان الدين إبراهيم موسى علي الطرابلسي الحنفي, الإسعاف في أحكام الأوقاف, طبع بمطبعة هندية بالأزبكية بمصر, ط 2 , 1981, ص7.

[8] أحمد فراج حسين, أحكام الوصايا والأوقاف في الشريعة الإسلامية ، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية, مصر, 2003، ص 235.

[9] أحمد محمود الشافعي, الوصية والوقف في الفقه الإسلامي، الدار الجامعية للطباعة والنشر، بيروت 2000 ، ص 153.

[10] وهبة الزحيلي, الوصايا والوقف في الفقه الإسلامي، الطبعة الثانية ، دار الفكر، دمشق، سوريا 1993، ص156.

[11] وهو مذهب جمهور فقهاء المسلمين غير الحنفية.

[12] يراجع تعليق السيدة : بوتارن فايزة ، رئيسة قسم بالغرفة العقارية ,على القرار الصادر عن المحكمة العليا الغرفة العقارية،

ملف رقم 204958 الصادر بتاريخ : 31 / 01 / 2001، والمنشور بالاجتهاد القضائي للغرفة العقارية، ج 1, سنة 2004، ص 136 بما أن الوقف هو تصرف نهائي…فإنّ أثره هو إلغاء عقد الملكية « : والّذي قالت فيه ما يلي: المحبس، أي في قضية الحال ملكية المالكين الأصليين, ولم يعد في إمكانهم تغيير طبيعة الوقف, بتصرفات أخرى كالهبة… ».

[13] المشرع الجزائري منح الوقف شخصية معنوية مستقلة عن الواقف والموقوف له .

[14] قرار المحكمة العليا غ أ ش ، ملف رقم 189265 ، الصادر بتاريخ : 19 / 05 / 1998 ، والمنشور بالمجلة القضائية, سنة 2000، العدد1 ، ص 178.

[15] محمد أبو زهرة , محاضرات في الوقف, دار الفكر العربي, بيروت, لبنان, د ط, د ت ن, ص 62.

[16] الصادر بموجب القانون رقم 91 / 10 الصادر بتاريخ : 27 أبريل 1991 ، منشور ب ج ر العدد 21 لسنة 1991.

[17]ابن منظور أبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ، لسان العرب,ج6 ، دار صادر, بيروت، 1956، ص 569 .

[18] عمر حمدي باشا، نقل الملكية العقارية، دار هوما، الجزائر, سنة 2000، ص5.

[19] محمد كامل مرسي، شرح القانون المدني الحقوق العينية الأصلية، منشأة المعارف، مصر، سنة 2005, ص 37.

[20] بكر بن عبد الله أبو زيد، فتوى جامعة في زكاة العقار, دار العاصمة للنشر التوزيع, الرياض, ط1,  2000, ص 4.

[21] قال ابن جزي في القوانين الفقهية، ص 364: “بل إن الأصل في الموقوف أن يكون عقاراً؛ لأن صرف المنفعة على وجه التأبيد لجهة لا تنقطع لا يكون إلا في عين دائمة البقاء”.

[22]  بينت دراسة أكاديمية متخصصة شملت مسحاً لـ 104 حالة وقفية، على امتداد ستة قرون (1340-1947م) في مصر وسورية وفلسطين وتركيا، النتائج كالتالية: – 58% من الممتلكات الوقفية كانت متمركزة بالمدن الكبرى وتتمثل أساسا في المحلات التجارية وأماكن الراحة للمسافرين وعابري السبيل والشقق والبيوت السكنية.-   35% كانت موجودة بالقرى والأرياف وهي الأراضي الزراعية و البساتين والضيع, – 7% المتبقية أشكال أخرى من الأوقاف حيث أن 5.5% أوقاف نقدية. يتضح أن الممتلكات العقارية تمثل 93%  من مجموع الأموال الوقفية وهذا ما يفسر لنا تطور صيغ التثمير كالإجارة والمرصد والإبدال والاستبدال …  وهي صيغ تستعمل لتثمير واستغلال الممتلكات الوقفية العقارية. الحاجة إلى تحديث المؤسسة الوقفية بما يخدم أغراض التنمية الاقتصادية. الدكتور محمد بوجلال من جامعة سطيف, بحث معد خصيصا للمؤتمر العالمي الثالث للاقتصاد الإسلامي, المنعقد بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية , جامعة أم القرى, مارس 2003م, ص12.

[23] عبد المنعم زين الدين ضوابط المال الموقوف, دار النوادر, دمشق, سورية, ط1، 2012, ص151- 152.

[24] رواه البخاري، الحديث رقم (2739)

[25] رواه البخاري، الحديث رقم (2586)، ومسلم  الحديث رقم (1632).

[26] سعيد غني نوري, التنمية بين المفهوم والاصطلاح, من الموقع الالكتروني, https://www.researchgate.net/publication/338701801_altnmyt_byn_almfhwm_walastlah_ad_syd_ghny_nwry

[27] سعيد غني نوري, التنمية بين المفهوم والاصطلاح, المرجع نفسه.

 [28]زينب حسن، الاستدامة في مشاريع التنمية المحلية، رسالة ماجستير، كلية إدارة الأعمال، الجامعة الأردنية، 1996، ص 52.

 [29] لسان العرب، 1972م، ص213.

[30] أسامة الخولي، الإدارة البيئية والتنمية المستدامة، ورقة عمل مقدمة للمؤتمر العربي الأول للإدارة البيئية في الوطن العربي، الرباط، 19-21 أكتوبر، 2000م.

[31] ماجدة أبو زنط و عثمان غنيم, التنمية المستديمة: دراسة نظرية في المفهوم والمحتوى, من الموقع الالكتروني: http://repository.aabu.edu.jo/jspui/handle/123456789/536

[32] اللجنة العالمية للبيئة والتنمية، سنة 1989م، ص83.

[33] زينب حسن، الاستدامة في مشاريع التنمية المحلية، المرجع نفسه، ص 52.

[34] عبد المطلب عبد الحميد، التمويل المحلي، الدار الجامعية، الإسكندرية، مصر, 2001, ص 13.

[35] عبد القادر بن عزوز، فقه استثمار الوقف وتمويله في الإسلام ، أطروحة دكتوراه، كلية العلوم الإسلامية .جامعة باتنة، 2004، ص 38.

[36] محمود احمد مهدي، نظام الوقف في التطبيق المعاصر، نماذج مختارة من تجارب الدول والمجتمعات الإسلامية، وقائع ندوات رقم 45 ، جدة، البنك الاسلامي للتنمية، الطبعة الأولى،2003 ، ص. 33،32

[37] فارس مسدور، الأوقاف الجزائرية بين الاندثار والاستثمار، مجلة علوم الاقتصاد والتسيير والتجارة، جامعة الجزائر، العدد 20,  2008 ، ص 09.

[38] هشام بن عزة, إحياء نظام الوقف في الجزائر- نماذج عالمية لاستثمار الوقف-, مجلة البحوث الاقتصادية والمالية, العدد 3, جوان 2015, ص126.

[39] فارس مسدور وكمال منصوري، الأوقاف الجزائرية، نظرة في الماضي والحاضر، مجلة اوقاف

الكويت، العدد 15 ، نوفمبر 2008 ، ص 25.

[40] القانون 91/10 المؤرخ في 12 شوال عام 1411 ه الموافق07 المؤرخ في 27 أفريل 1991 والمتعلق بالأوقاف.

[41] بن عيشي بشير، الوقف ودوره في التنمية الاقتصادية مع دراسة تطبيقية للوقف في الجزائر، مداخلة مقدمة ضمن فعاليات المؤتمر الثالث للأوقاف بالجامعة الاسلامية، المملكة العربية السعودية 2009، ص 214.

[42] فارس مسدور، تمويل و استثمار الاوقاف بين النظرية والتطبيق مع الاشارة لحالة الجزائر، رسالة دكتوراه، غير منشورة، جامعة الجزائر 2008، ص 11.

[43] صالح صالحي، المنهج التنموي البديل في الاقتصاد الإسلامي، دار الفجر للنشر والتوزيع، القاهرة، 2006، ص 678.

[44] أحمد قاسمي، الوقف ودوره في التنمية البشرية، رسالة ماجستير في علوم التسيير، جامعة الجزائر, 2008، ص 156 .

[45] صالح صالحي، المنهج التنموي البديل في الاقتصاد الإسلامي، مرجع سابق، ص677 .

[46] هشام بن عزة، إحياء نظام الوقف في الجزائر – نماذج عالمية لاستثمار الوقف-، مجلة البحوث الاقتصادية والمالية، العدد 3، جوان 2015, ص 32.

[47] مفهوم الاستثمار الوقفي وفقا للبيان الختامي المنبثق عن دورة مجمع الفقه الإسلامي الدولي، بعنوان: الاستثمار في الوقف وفي غلاته وريعه منظمة المؤتمر الإسلامي، المنعقدة في دورتها الخامسة عشر، مسقط، سلطنة عمان، من 14 إلى 19 مارس 2004.

[48] إسماعيل مومني، تطوير البناء المؤسسي للقطاع الوقفي في الاقتصاد الوطني – دراسة حالة الوقف بالجزائر-، أطروحة دكتوراه، جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية – قسنطينة- ، كلية الشريعة والاقتصاد، 2014/2015، ص 304.

[49] هشام بن عزة، إحياء نظام الوقف في الجزائر – نماذج عالمية لاستثمار الوقف-، مرجع سابق, ص132.

  [50] أمحمدي بوزينة أمنة, دور القطاع الخيري في تمويل مشاريع التنمية ـــ الوقف أنموذجا ـــ , مجلة الاجتهاد للدراسات القانونية والاقتصادية, المجلد:07  العدد: 04 السنة 2018.

تعليقات