استكتاب حول الاستجابة البليغة (مجلة الخطاب الجزائرية)

قئة المقال:استكتابات

المحرر الضيف: د. سعيد بكار

جامعة ابن زهر، المملكة المغربية

في عام 2005، نشر البلاغي المصري الدكتور عماد عبد اللطيف دراسة بعنوان “البلاغة العربية من إنتاج الخطاب السلطوي إلى مقاومته” قدم فيها مقترحا لتأسيس توجه بلاغي أطلق عليه حينها “بلاغة المخاطب”، الذي تطور فيما بعد ليُعرف باسم “بلاغة الجمهور”. وتشكل بلاغة الجمهور في الوقت الراهن حقلا معرفيا، يضم كَمًّا غير محدود من مادة البحث، وعددا كبيرا من موضوعاته.

 يشتمل هذا الحقل على كل الظواهر المرتبطة بالإقناع والتأثير في الاستجابات التي ينتجها الجمهور في فضاءات عمومية، فحيثما وجد فضاء عمومي، يُتداول فيه خطاب، وتُنتج فيه استجابة، فثمة إمكانية لوجود “بلاغة الجمهور”، بوصفها الحقل المعرفي الذي يدرس العلاقة بين هذه الاستجابات والسلطة والخطاب من ناحية، وإمكانيات تطوير هذه الاستجابات لتصبح استجابات بليغة من ناحية أخرى.

لقد عرّف عبد اللطيف الاستجابة البليغة بأنها الاستجابة المقاوِمة للخطاب السلطوي؛ وذلك أن بلاغة الجمهور تفترض أن الخطابات البلاغية الجماهيرية هي خطابات توظف اللغة لتحقيق أغراض بلاغية هي إقناع المخاطب/الجمهور والتأثير فيه. وقد يستهدف الإقناع والتأثير تمكين مُنْشِئِي الخطاب أو المستفيدين منه من السيطرة والهيمنة على المخاطب، ويكون ذلك باستخدام اللغة بكيفيات معينة قد تتضمن التضليل والخداع. ومن ثم فإن وعي المخاطب بالكيفيات التي تستخدم بها الخطاباتُ الجماهيريةُ اللغةَ يمثل خطوة أولى وضرورية لمقاومة سيطرة هذه الخطابات وهيمنتها.

لذا، فإن بلاغة الجمهور تهدف، أساسا، إلى تعزيز قدرة المخاطبين على التمييز بين الخطاب السلطوي وغير السلطوي عن طريق الخصائص النوعية لكل منهما، وفهم دوافع المتكلم والأغراض التي يسعى إلى تحقيقها بواسطة خطابه، ومن ثم القدرة على إنتاج استجابات بلاغية (آنية، تداولية) سواء أكانت مقاوِمة أم فاضحة (في حالة الخطاب السلطوي) أم داعمة (في حالة الخطاب غير السلطوي)، وهي الاستجابات التي تُعرف في بلاغة الجمهور بأنها “استجابات بليغة”.

يتسع مفهوم الاستجابة البلاغية ليشمل الاستجابات اللفظية وغير اللفظية التي ينتجها الجمهور في سياقات التواصل العمومي، وتعدّد أشكال الاستجابات ضمن هذا المفهوم؛ إذ تضم –على سبيل المثال لا الحصر– التصفيق، والهتاف، والصفير، والإشارات، والهمهمة، والتعليقات، والمقاطعة، والأسئلة المرتجلة، وصيحات الإعجاب والاستهجان، والجداريات، والعبارات المدونة على الأبواب، وتعليقات الفيسبوك، والتغريدات والعبارات المسجلة على شريط التعليقات على شاشة التلفزيون، ورسائل القراء إلى الصحف. وتمثل هذه الأشكال وغيرها فيضا من المادة البلاغية الجديدة التي لم تلتفت لها عيون البلاغيين من قبل.

منذ لحظة النشأة، انبنت بلاغة الجمهور – بوصفها حقلا معرفيا وممارسة أكاديمية – على استمرارية النقد الذاتي؛ فهي معرضة دوما لأن تتحول إلى خطاب سلطوي إذا ادعت أنها تمتلك “الحقيقة” أو قامت بإقصاءات وتمييزات خطابية أو مادية. ويتحقق النقد الذاتي في الاعتماد على الممارسة الشفافة التي تكشف باطراد عن المناهج والإجراءات التي تستخدمها في التحليل والوسائل التي تستخدمها في تحقيق الإقناع والتأثير.  كذلك، فعلى مدى ما يزيد عن عقد من الزمان، تلقى مشروع بلاغة الجمهور ردود أفعال متباينة منها ما يتجه إلى مساءلة أسسه النظرية، وعلاقته بالحقول المعرفية الأخرى، ومنها ما يختبر فعالية مفاهيمه وإجراءاته عند تحليل من النصوص والخطابات.

محاور الاستكتاب:

وتمسكا بمبدأ النقد الذاتي المستمر، ترحب مجلة الخطاب الجزائرية بنشر ملف خاص عن الاستجابة البليغة، وتدعو الباحثين في مجالات دراسات الخطاب والبلاغة واللسانيات وعلم الاجتماع وعلم النفس وعلوم التواصل والسياسة وغيرها إلى تقديم دراسات تتناول أحد المفاهيم المركزية في مشروع بلاغة الجمهور، وهو مفهوم “الاستجابة البليغة”؛ وذلك سعيًا إلى تطوير ومراجعة وإثراء الدرس البلاغي المعني بالمخاطب وإمكانية تعزيز قدراته البلاغية على مقاومة هيمنة الخطابات السلطوية. ونقترح أن تكون المساهمات ضمن المحاور الآتية، وإن كانت لا تقتصر عليها:

  1. مفهوم الاستجابة، وحدوده، والمجالات التي اهتمت بدراسته، ومناقشة التعريف المقترح لمصطلح “الاستجابة البليغة” نقدا أو تطويرا، وخصائص الاستجابة البليغة والاستجابة غير البليغة في السياقات المختلفة (الدينية والرياضية والفنية).
  2. العلاقة بين تشكل الخطاب وأدائه من ناحية والاستجابات البليغة له من ناحية أخرى.
  3. المقاربات النظرية والحقول المعرفية التي يمكن من خلالها دراسة الاستجابات الجماهيرية البليغة، التي تمثل إضافة لحقل بلاغة الجمهور وتستفيد من كونه ممارسة عبر-نوعية.
  4. الاستجابات الجماهيرية بين العالمين الواقعي والافتراضي (مواقع التواصل الاجتماعي على سبيل المثال)، وما درجة تأثير السياق في عملية التواصل واستجابات الجماهير.
  5. الاستجابات الجماهيرية المهمشة أو المهملة من قِبل الدرس الأكاديمي: أنماطها، وخصائصها، وسياقات إنتاجها، وهل يمكن وصفها بأنها بليغة؟ ولماذا؟
  6. الأشكال التي يمكن وصفها بأنها “استجابات بليغة” – من منظور بلاغة الجمهور – في التراث العربي القديم، خاصة تلك التي تكون في سياق التواصل المباشر بين متكلم وجمهور (مخاطبين).
  7. البرامج التدريبية العملية التي يمكن تصميمها لتعزيز القدرة على إنتاج استجابات بليغة، من خلال تطوير مهارات التفكير النقدي والتواصل الفعال وتقديم الحجج المضادة.
  8. إمكانية الاستفادة من الدراسات الكمية والإحصائية في الحصول على نتائج كمية دقيقة عن استجابات الجماهير على خطابات معينة في سياقات معينة، خاصة في ظل توفر برامج حاسوبية تستطيع رصد واسترجاع وإحصاء وتصنيف الاستجابات.
  9. الآفاق المتوقعة لدراسات استجابة الجماهير من منظور بلاغي، خاصة ذلك المنظور الذي يعنى بالجانب النقدي، المقاوم للسيطرة والهيمنة، في البلاغة.

دراسات عن بلاغة الجمهور:

  • يمكن تحميل الاطلاع على قائمة غير وافية بالدراسات المنجزة حول بلاغة الجمهور، مع روابط تحميل بعضها، على الرابط التالي:

https://www.academia.edu/43486898

مواعيد مهمة:

آخر موعد لإرسال الملخصات: 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2021

آخر موعد لإرسال المقالات المقبول ملخصاتها: 30 مارس/ آذار 2022

ترسل الملخصات، والبحوث على البريد الإلكتروني لمحرر العدد، د. سعيد بكار (جامعة ابن زهر بأكادير) على الإيميل التالي: saidbakk@hotmail.fr

نبذة عن مجلة الخطاب:

مجلة الخطاب دورية أكاديمية محكمة تعنى بالدراسات والبحوث العلمية في اللغة والأدب وتحليل الخطاب. تصدر منذ عام 2006 عن مخبر تحليل الخطاب بجامعة مولود معمري بالجمهورية الجزائرية. وهي مفهرسة في قواعد بيانات جوجل سكولار، والمنهل، والمنظومة، وآراباس، وغيرها. كما حصلت على معامل تأثير عربي من اتحاد الجامعات العربية خلال الأعوام الثلاث الماضية.

يجب على الباحث الالتزام باتباع تعليمات النشر المعتادة في مجلة الخطاب، بما فيها تحميل البحث على المنصة الجزائرية للمجلات العلمية، والوفاء بمتطلبات هيئة تحريرها.

تعليقات