الجلسة العلمية الثانية والثالثة من أشغال ندوة الدولة والدين

قئة المقال:تقارير

نجاة ذويب – تونس

ترأست الأستاذة فاطمة الزهراء قاسمي الجلسة العلمية الثالثة من ندوة الدولة والدين بكلية الآداب القيروان  وشارك فيها:

الأستاذة ضحرة خميلي (الجزائر) بورقة عنوانها “المفهوم القانوني للدولة” بينت من خلالها أنّ  معظم الدراسات حول موضوع الدولة لا تخلوا  من ذكر مصاعب تحديد ها وتعريفها، والاختلاف في الفقه، والفكر السياسيين حول تعريف هذه الظاهرة التي تتسم بالتعقيد، والغموض، والتنوع ، وإذ يرى الباحثون صعوبة في الاتفاق على تعريف واحد للدولة. و ذهب البعض إلى أن الدولة وحدة قانونية دائمة تتضمن وجود هيئة اجتماعية لها حق ممارسة سلطات قانونية معينة على شعب أو أمة مستقرة، على إقليم محدد، وتباشر الدولة حقوق السيادة بإرادتها المفردة عن طريق استخدام القوة المادية التي تحتكرها. ويجمع الفقه الدولي عند دراسته للدولة على ضرورة توافر ثلاثة أركان أساسية و هي الشعب،  الإقليم و السلطة العامة أو ما يعرف بالسيادة, و هذه العناصر أساسية في تكوين الدولة فإذا نقص شرط واحد زالت الدولة من الوجود.   فالشعب هو مجموع الأفراد الذين يكونون الدولة  ، أي إنه ركن من أركانها باعتباره مكونا للعنصر البشري فيها ، ولذا يرتبط بالدولة وجودا وعدما   فإذا مازالت الدولة لأي سبب كان كاندماجها في غيرها ، فإن شعبها يصبح جزءً من شعب الدولة الجديدة ، و يعد وجود الشعب ، ركن أساسي لابد منه لقيام الدولة ، وهم الذين يقيمون على أرضها ويحملون جنسيتها. ويمثل إقليم الدولة مصدر قوتها و منعتها ، بما تنتجه أرضه من زراعة ، وما يستخرج من باطنها من ثروات معدنية ومواد أولية ، وما يؤخذ من شواطئه وبحيراته وأنهاره من ثروات بحرية ومائية ،…

والأستاذ الياس بكو ش (تونس) بورقة عنوانها “القديس أغسطينوس (354-340م) وعنف الدولة” تناول من خلالها مقاربة القديس أغسطيينوس حول عنف الدولة .

وشارك الأستاذ حيدر حسن الأسدي (العراق) بورقة عنوانها  “الدين والدولة جدل الفصل والوصل والمواءمة  في الفكر الشيعي  توصّل من خلاله إلى ثلاث مواقف و اتجاهات فكرية، حددت موقف المؤسسة الدينية الشيعية تجاه الدولة، هي:

  1. موقف الفصل: ونقصد به الرأي الفقهي الشيعي المشهور الذي يفصل بين الفقيه والدولة (السلطان).
  2. موقف الموائمة: والمعني به الدعوات والكتابات التي دعت إلى الدولة المدنية، معتمدين على قراءة مغايرة للترات الديني واعتقد أن أوضح مثال للموائمين في الحقبة المتقدمة هو السيد المرتضى، من خلال رسالته السلطانية، و( محمد مهدي شمس الدين) من المعاصرين، والذي يرى ولاية الأمة( المجتمع) على نفسها لا الفقيه.
  3. حالة الوصل: ونعني به ما حصل في خمسينيات القرن الماضي من تنامي الظاهرة الإسلامية، وانطلاق العمل الحزبي في الوسط الديني، ومن ابرز الشخصيات الممثلة لها ( محمد باقر الصدر).

وشارك الأستاذ نادر قاسم بورقة عنوانها “جدلية العلاقة بين الدين والدولة في إسرائيل: مقاربات في كشف المستور” تتناول من خلالها اشكاليات العلاقة بين الدين والدولة في الكيان الإسرائيلي وتناقضاتها، مثل عدم اعتراف الدولة بالزواج العلماني وتدخل المؤسسة الدينية في كثير من جوانب الأحوال الشخصية إلى جانب تقييد حركة المواصلات في شوارع معينة يسكنها المتدينون أيام السبت، ومنع استيراد لحم الخنزير، وتدخل المؤسسة الدينية في المطاعم التي تقدم طعامها وفق أصول الشريعة اليهودية، وغالباً ما يأخذ هذا النقاش شكل الصراع ضد ما يسمى ( فرض الدين على الدولة) وخاصة مع ازدياد وزن الأحزاب الدينية الناجم عن قدرتها على فرض شروطها خلال المفاوضات الحكومية مستغلة انقسام الكنيست إلى قسمين متعادلين بين حزب الليكود وحلفائه اليمينيين من جهة وحزب العمال والأحزاب الواقفة إلى يساره من جهة أخرى. إن علاقة الديني بالسياسي في الكيان الإسرائيلي علاقة ملبسة ومعقدة، ففي الوقت الذي تعد إسرائيل نفسها دولة ديمقراطية مدنية إلا أنها من الناحية الأخرى دولة يحكمها العسكر دائماً،….

أمّا الجلسة العلمية الرابعة فكانت برئاسة الأستاذ محمد الصحبي البعزاوي (تونس) وشارك فيها:

الأستاذة زهرة ثابت (تونس) بورقة علمية عنوانها ” مفهوم الدين في الفكر الغربي الحديث”

وقدّم الأستاذ خميس غربي حسين (العراق) بورقة عنوانها “الدولة الدينية في مرجعيات الفكر العربي المعاصر مأزق التنظير وإشكالية الاختيار”

بين من خلالها أنها معتقدات مدنية , ولكن الناس الذين يمارسونها خطأً قد يحولها إلى قضايا كهنوتية , فالإسلام ,كما المذاهب الدنيوية التي وضعها المصلحون عبر العصور لهما غاية وهدف , النهوض بالإنسان ورفع قدراته وإمكاناته المادية والمعنوية , والدين , أي دين , يحمل في مقتضياته أطر فكرية وأخلاقية وسلوكية سلمية تهدف إلى بناء الشخصية القويمة للأفراد وتقدم الجماعة والحياة الاجتماعية .  يعاني الفكر العربي المعاصر إشكالية في قضية الأختيار حول شكل الدولة , وهذه الإشكالية لها جذور بدأت منذ سقوط الدولة العثمانية التي كانت تتخذ من مصطلح الخلافة عنوان لسياستها , أو سياسة الاستغلال بإسم الدين , وهذه الازدواجية جعلت مسألة الاختيار في مأزق , وهذا المأزق في تحديد شكل الدولة ادى إلى إلى فراغ فكري اشبه ما يكون بالتيه .   يبدو أن التنظير االسياسي العربي المعاصر , باعتباره تفكيراً , حول مسألتي السلطة والدولة في اقصى درجات تأزمه , ربما يعود هذا إلى محاولته التوفيق بين نماذج سياسية مختلفة في تجاربها وخلفياتها الفكرية , إسلاموية , ليبرالية , اشتراكية , لكن هذه الأزمة والمأزق وليد الواقع السياسي المتردي , المهمل لحقوق الإنسان , المتجاوز على الحريات والعدل , وحسب رأينا فإن هذه الأزمات لهذا أسبابها التي توغل قدماً الممتدة إلى عصور الخلافة الراشدة , وما تلاها من ملك عضوض , يستبد ويقمع , وصولاً إلى فترة الهيمنة الاستعمارية على البلاد العربية , بمسمياتها المختلفة , سواء كانت خلافة عثمانية , أو استعمار أوربي .   لقد افرز الفكر العربي المعاصر في تنظيره للإجابة على التساؤل : كيف يكون شكل الدولة ؟ دينية أم علمانية ! أزمة , ولم تتضح مسألة الأخيار والخروج من هذه الإشكالية على الرغم من الكم الضخم للمؤلفات التي حاول أصحابها الولوج في هذا المضمار , صحيح أن الفكر السياسي العربي لم يشذ عن الفكر العالمي , إذ تسوده نظريتان مختلفتان هما : نظرية النص الالهي , ونظرية الأختيار الطبيعي , واللتان تقابلان النظرية الثيوقراطية , والنظرية الديمقراطية , لقد بدأ للوهلة الأولى أن التأزُّم ناجمٌ عن وعي النخبة الإسلامية بالفقدان نتيجةً لإلغاع الخلافة , فحاول هؤلاء اللعب على بذرة التدين والإيمان التي تمثل جزء من خصائص التكوين الإنساني .   تنطوي الأيدلوجيا في الإسلام السياسي لبناء الدولة الدينية على عدة اعتبارات تحاول إقحام كل شيء في الدين لرسم إطار مرجعي نهائي يسيّر كل التوجهات وفق نظرية ماضوية تضفي عليها نوع من القداسة , وترفض قبول أي رأي مخالف , رفضاً باتا ! وقد يصل الأمر إلى السعي نحو دمج الأيدلوجيا في الأسطورة لتحقيق أكبر قدر من السطوة والإخضاع , ولا سيما تلك الأيدلوجيات التي ترتكز على توظيف رموز دينية أحيطت بهالة مقدسة.

وكان ختام الجلسة مع مداخلة الأستاذ سالم بن سعيد البحري (عمان) بعنوان “الدولة والدين في الفكر الاباضي الامامة الاباضية في عمان نموذجا” بيّن فيهاهذه الورقة بيان حقيقة المذهب الإباضي ودوره الديني والسياسي من خلال أصوله السياسية والاعتقادية وذلك من خلال الاجابة على الاسئلة التالية :

1 – ما الدور الذي لعبه الفكر الإباضي في تاريخ الفكر السياسي والعقائدي من خلال الإمامة وترسخ الديمقراطية كمبدأ ومنهج سياسي لتحقيق العدالة.

2 – كيف استطاع الاباضية الجمع بين الامامة السياسية والإمامة الدينية من خلال مراحل الإمامة.

تعليقات