افتتاح فعاليات الندوة العلمية الدوليّة “الدولة والدين”
قئة المقال: | تقارير |
---|
نجاة ذويب – تونس
افتتحت اليوم 19 أفريل الندوة العلمية الدولية “الدولة والدين” التي يشرف عليها مخبر البحث تجديد مناهج البحث في البيداغوجيا والإنسانيات بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالقيروان برئاسة الدكتور حمادي المسعودي أيام 19 و20 و21 أفريل 2018، علما انّ فعاليات هذه الندوة تبث مباشرة على صفحة الدكتور زكرياء السرتي المدير العام لمركز ضياء للمؤتمرات والدراسات الراعي الإعلامي لهذه الندوة العلمية الدولية.
قام الأستاذ الأسعد العياري ، عضو مخبر البحث بتنشيط الحصة الافتتاحية التي استهلّها الأستاذ حمادي المسعودي رئيس المخبر ورئيس جامعة القيروان الذي رحّب بالضيوف المشاركين وكل الحاضرين وعلى رأسهم السيد عبد المجيد بن عمارة المدير العام للبحث العلمي بتونس متوجها بالشكر لكل الأطراف المساهمة في إنجاح هذه الندوة العلمية الدولية ثم تلتها كلمة الأستاذ عبد المجيد بن عمارة الذي عبر عن شكره للجهة المنظمة للندوة العلمية على الدعوة الكريمة معبرا عن سعادته بمشاركته افتتاح هذه الندوة ثم توجّه الأستاذ عبد الرزاق المجبري عميد الكلية بكلمة وضع من خلالها هذه الندوة في إطارها العلمي مع بقية الندوات والمناسبات العلمية التي عُقدت في الكلية وكذلك التي ستعقد في ما تبقى من السنة الجامعية.
ثم كانت كلمة الأستاذ ساسي ضيفاوي منسق الندوة توجّه فيها بالشكر للجنة العلمية التي قامت بتحكيم أعمال الندوة واللجنة المنظمة التي سهرت على تحضيرات هذه الندوة وكذلك الوسائل الإعلامية التي اهتمت بهذه الندوة وخاصة مركز ضياء برئاسة الأستاذ زكرياء السرتي على مواكبته لهذه الندوة ومساهمته في إشعاعها قبل وأيام انعقادها.
ثم كانت الجلسة العلمية الأولى برئاسة الأستاذ توفيق قريرة (تونس ) وشارك فيها:
الأستاذ إحسان الديك (فلسطين) بعنوان “السلطة بين الدين والدولة في الفكر القديم: بحث في الأصول” بين من خلالها اهتمام الأنثروبولوجيون بفكرة الإرث من خلال تشابه المجتمعات المتحضرة بالمجتمعات البدائية مما دفعهم للقول بوحدة النسق الفكري الذي قامت عليه الثقافة الإنسانية. فدعا تايلر إلى عدم نسيان الأصل، وراح جميس فريزر يبحث عن هذا الأصل. ولعل فكرة السلطة في الفكر القديم من أكثر الأفكار امتدادا وحضورا في فكرنا الحديث في تراوحها بين الدولة والدين ،فكما كانت هي المبدأ الفاعل في اللاهوت والناسوت في الدولة القديمة، وتماهي الملك في الكاهن وجمعه بين السلطة الدينية والدنيوية، وأنه هو الابن الجسدي الذي جاء من أصل الهي، وأن شارات الملوكية كالتاج والصولجان والعصا وغيرها أنزلت من السماء اليه، كذلك نجد آثار هذه السلطة حافلة في الخليفة الذي هو ظل الله في الأرض، وفي سلطة الكنسية والبابا، ومحاولة الجماعات الدينية المتطرفة في كل الديانات التي تحاول الامساك بالسلطتين وإقامة الدولة الدينية. ما دور السلطة في بناء الدولة قديما؟ وما دور الآلهة في هذه السلطة ؟ وكيف تقمص الملك دور الإله؟ وما أدوات هذه السلطة كالبطش والطاعة والقناعة؟ هذه وغيرها من الأسئلة التي يحاول البحث الإجابة عنها؟
والأستاذ عبد الرزاق الدغري (تونس) شارك بورقة عنوانها ” الدولة وتطبيق الشريعة في فكر الجماعات السلفية الجهادية عرض فيها تصوّر الجماعات السلفية الجهادية للدولة وتعريفهم لها ولمنزلة الشريعة فيها، وتبين مرجعياتها ونظام الحكم فيها، وموقفهم من الدولة المدنية التي تعتمد الدساتير الحديثة، فقد أرسى منظرو التيار السلفي عامة والسلفي الجهادي خاصة تنظيرات عديدة للدولة الدينية، وتكثفت الدعوات بوجوب تطبيق الشريعة، فبدا هذا التعريف للدولة الدينية وليد قراءة تأويلية حرفية مذهبية للنص الإسلامي المؤسس، وعبّر عن اتباع أعمى للسنة لأنه يمثل اقتداء بنماذج وشخصيات مثلت رموزا لهذا التيار السلفي الجهادي، ولا شك في أن هذا التأويل يعتمد على قراءة مذهبية مغالية للقرآن وتأويل حرفي يسعى إلى الاقتداء بالأنموذج الأوّل لدولة الرسول، وإنكار الخروج عن الشرع أو سلطة الأنموذج، ونبذ السلطان الجائر واعتباره طاغوتا يجب الخروج عليه واتباع ولاة الأمر الشرعيين، لذلك كان التكفير ركيزة فكرية لأصحاب هذا المنهج في فهم الدين وتأويله بل إنهم يعتبرونه من صلب عقيدة الإسلام، ذلك أنّ التكفير يجب أن يشمل من كفّرهُ الله ورسوله، لأنه في تقديرهم وقع في نواقض الإسلام الكبرى المتفق عليها من قبل السنة والجماعة والتي نصّ عليها القرآن والسنة ومنها الحكم بغير ما أنزل الله وتشريع القوانين المخالفة لشرع الله، فيعتبرون أتباع التنظيمات السياسية المدنية والإدارية المعاصرة أعداء الله ورسوله يريدون أن يتحاكموا إلى “الطاغوت” ليحكم من دون الله، والحال أنه يجب أن تكون الشريعة المصدر الوحيد للتشريع، فمن عمل بقوانين وضعية أو جاء بها فهو كافر لأنه جعل نفسه ربا مشرعا من دون الله، بل طاغوتا لأنه بلغ أعلى درجات الكفر
وساهم الأستاذ عبد الهادي أعراب (المغرب) بمداخلة عنوانها ” المقدس والسياسي في نظام الدولة التقليدية بالمغرب. ملاحظات حول أسس واستراتيجيات المخزن” تحدّث فيها عن السياسي والمقدس في نظام “المخزن” رام من خلالها فهم الرموز العميقة لسلطته بوصفه الدولة التقليدية لسلطته بوصفه الدولة التقليدية والنواة العملية لسلوكاتها واستراتيجياتها كما أراد الباحث من خلال ورقته فهم المنطق الذي يؤطر اشتغال النظام المخزني وعلاقته بمنطق النظام الاجتماعي.
وقرأ الأستاذ الساسي بن محمد الضيفاوي (تونس) ورقة عنوانها ” الدولة والدين مقاربة في المفاهيم والمرجعيات” بيّن من خلالها أنّ المتابع لما كُتب بالأمس وما كُتب اليوم من بحوث ودراسات تتعلّق بإشكالية الدّين والدولة، يلحظ أنّ البعض تعمّد هذا التداخل إلى حدّ التهميش لإيهام المُتلقي بأنّ الأمر سيّان بين هذا الدال وغيره من الدوال، لذلك كثُر حول هذه المسألة الشائكة اللغط والجدل والنقاش، والبعض الآخر سعى منهجيا وعلميا، وفق زعمه، إلى التوفيق بين مُعجمين مُختلفين مُعجم تقليدي محافظ يُحيل على الموروث الدّيني والسياسة الشرعية، ومُعجم منفتح على السياسة المدنية والتاريخ المعيش.
إنّ هذا التداخل بين هذه المفاهيم والدوال، والسعي إلى الترادف بين القدامة والحداثة إلى حدّ التمازج وصعوبة الفصل بينها، حفّزنا على النظر في هذه المباحث الموصولة بالتعريفات والمرجعيات المتعلّقة بإشكالية الدّين والدولة، والعمل منهجيا وإيبستيميا على تعريفها وتحليلها والتعليق عليها وبيان استعمالاتها ومرجعياتها”
وكان ختام الجلسة بمداخلة الأستاذ نور الدين هالي بورقة عنوانها ” السياسة والدين في المدينة اليونانية: من محاكمة سقراط إلى جمهورية أفلاطون” عالج من خلالها حضور الدّولة الدّينية في التاريخ، وتبحث في طبيعة العلاقة بين السلطة السياسية والسلطة الدينية في دولة المدينة اليونانية. وإذا كان المفهوم الحالي للدولة الدينية يعود إلى العصور الوسطى، إلاّ أن جذوره قديمة، لذا أردنا أن نسلط الضوء على مرحلة من أبرز مراحل الفكر اليوناني، وهي المرحلة التي ظهر خلالها أشهر الفلاسفة كسقراط Socrates (470/469 ق م – 399 ق م) وأفلاطون Platon (427 ق م – 348 ق م) ومجموعة من السفسطائيين، وشكلت نقطة تحول مفصلية في تاريخ العلاقة بين السياسة والدين آنذاك، ففي تلك المرحلة كان للأساطير بأبعادها الدينية أثر بالغ على الحياة اليومية للمجتمع، وارتبطت ارتباطا وثيقا بالقرارات السياسية.
في هذا الصدد سنعمل على تقديم رؤية لحالة المدينة اليونانية وعلاقتها بالدين، والآراء الفلسفية التي تناولت هذه العلاقة، وإبراز محاولات التحرر من سلطة الأسطورة والديانات الشعبية خلال الفترة الممتدة من سنة إعدام سقراط 399 قبل الميلاد، إلى انتهاء أفلاطون من تدوين محاورة الجمهورية، بين عامي 384 – 374 قبل الميلاد، وسنحاول الإجابة عن التساؤلات الآتية: ما مدى حضور الدين في المدينة اليونانية؟ وما أثره على الحكم والعدالة؟ وإلى أي مدى استطاعت الفلسفة آنذاك أن تؤسس لمشروع سياسي متحرر من هيمنة الدين؟
تعليقات