الملتقى الثامن للرواية العربية: المرآة (miroir ) في الأدب والفكر والنقد الورقة العلمية ترتبط بـ"المرآة"- في "معجم الرموز" (Dictionnaire des…
تستمد المعرفة الإنسانية بشكل عام والمعرفة الإسلامية بشكل خاص قوتها بفعل عاملين أساسين: الأول؛ بناءها الداخلي وانتظامها البنيوي، بحيث تقدم نفسها كمنظومة متكاملة وبنية نسقية تنتظم داخلها المعارف والعلوم فلسفيا(على مستوى التصور) ومفهوميا ومنهجيا وموضوعيا(على مستوى الإجراء). والثاني؛ قدرتها على تعقل الواقع الإنساني وفقه حركته، بما يجعلها قابلة للتوظيف وممكنة للتنزيل ومحققة للتقصيد.
انطلاقا من هذين الأساسين يمكن إدراك أهمية البناء النظري للمعارف والعلوم، وما يقتضيه من تسخير الفكر للمراجعة المستمرة والبحث المتجدد لأسس ومنطلقات المعرفة بما يوفي بمقتضيات التجديد والاجتهاد والاكتشاف والإبداع.
كما يرشدنا هذا النوع من التفكير إلى الدور المنوط بالعقل وفعالية أداءه في هذه العملية البحثية وما تتطلبه من تسلح بآليات الإدراك وملكات التفكير والتدبر والقدرة على استيعاب العوامل المؤثرة في توجيه مسار المعرفة وتطوراتها.
والأرضية التي يمكن من خلالها النظر في هذا الموضوع والإطار العلمي الذي يُعالَج ضمنه هو: نظرية المعرفة؛ باعتبارها تختص في بحث طبيعة المعرفة التي يسعى الإنسان لتحصيلها من حيث أصلها وماهيتها، والنظر في إمكاناتها وطرق الوصول إليها، وحدودها بين الاحتمال واليقين ومناهج البحث ونجاعتها…إلخ
ومقاربة الموضوع من منظور الفكر الإسلامي؛ الذي يمثل خبرة العقل الإسلامي في تعامله مع الوحي الإلهي والكون والإنسان، نجد أن هناك وعيا مبكرا بأهمية مبحث نظرية المعرفة لدى مدارس الفكر الإسلامي، فلقد خصص القاضي عبد الجبار من المدرسة الكلامية الاعتزالية جزءا من موسوعته “المغني في أبواب التوحيد والعدل” عَنْوَنَهُ بــ” النظر والمعارف”، تحدث فيه بتفصيل عن حد النظر والعلم والمعرفة وطرقها وحقيقتها، وفي مقابله نجد أبو بكر الباقلاني من المدرسة الأشعرية خصص الباب الأول من كتابه “التمهيد” في الكلام عن العلم وأقسامه وطرقه.
وخصص علي بن محمد الآمدي في أصول الفقه كتابه “الإحكام في أصول الأحكام” في القسم الأول منه الذي جاء بعنوان: المبادئ الكلامية للحديث عن حد الدليل والنظر والعلم، ونجد يعقوب بن إسحاق الكندي في المدرسة الفلسفية حاول ضبط العلم والمعرفة في كتابه”رسالة في حدود الأشياء ورسومها“، وفي المدرسة الصوفية خصص أبو حامد الغزالي كتابه “المنقذ من الضلال” للكشف عن معالم تجربة معرفية حية تجسّدت في شخصه.
وتفرّد عبد الرحمن ابن خلدون في “المقدمة” بإيراد معالم نظرية معرفية في سياق بلورة نظريته حول العمران البشري؛ حيث أبان عن الارتباط العضوي بين تطور المعرفة وشكل العمران، ومدى تأثير الثاني في الأول بالسلب والإيجاب، كما تناول أيضا الأسس المنهجية للمعرفة التاريخية.
وفي المسار نفسه بزغ نجم مالك بن نبي في “مشكلات الحضارة”، معتمدا منهجية خاصة في رسم حدود مشكلة العقل المسلم من المركب(الحضارة) إلى البسيط(الفكرة) نزولا، ومن البسيط(الفكرة) إلى المركب(الحضارة)صعودا، محاولا التأسيس لنظرية معرفية من الناحية الوظيفية تجمع في بنيتها أبعادا ثلاثة: البعد المعرفي والبعد التربوي والبعد الغائي في معالجة مأزق يعاني منه عقل ما قبل الحضارة، يقوم على ثنائيات ضدية: الغيب والشهادة، الضمير والعلم، الأخلاق والتكنولوجيا.
بالوقوف عند حدود هذه الخبرة المعرفية لعلماء الإسلام وتداولهم لدرس المعرفة وفق هذا الإطار يمكن تقديم ملاحظة مبناها أساسين: الأول؛ إدراك أهمية “نظرية المعرفة” كمنطلق ومبدأ للبحث والنظر في مضامين المعرفة المقصودة بالبحث، وعلى هذا الأساس دبّج العلماء المسلمين مؤلفاتهم وابتدأوها بهذا المبحث، والثاني؛ الوعي بالواقع العلمي والمعرفي السائد في زمانهم، وامتلاكهم مفاتيح المعرفة التي عرفتها الساحة الفكرية في تلك الفترة، لكن لم يخوضوا في تفاصيل مباحث نظرية المعرفة، ولم يفردوها بعنوان خاص لعدم الشعور بالحاجة إلى ذلك، مكتفين بمسائل محددة بالقدر الذي يوفي بالغرض وتقتضيه الضرورة البحثية.
وعليه إذا كان هذا الجهد المعرفي المضني يُعد حضورا معرفيا في زمانهم ومسايرة لنمط التفكير العلمي في ذلك العصر، فيمكننا التساؤل: إلى أي مدى استمر هذا الحضور المعرفي في وقتنا المعاصر؟ وما الآليات المنهجية والمعرفية التي تكشف لنا عن هذا الحضور في الفكر الإسلامي المعاصر؟
إن القصد إلى فتح خريطة الفكر الإسلامي المعاصر للتأكد من موقع بحث نظرية المعرفة ضمن جغرافيته نجد أن الموضوع لا يرقى لدرجة أن نقول عنه ركون لتراث السابقين ووقوف عند حدوده ونعتبره وصلا معرفيا، كما لا يمكن أيضا القول بأنه فصل تام وانقطاع ابستيمي حصل بفعل ثورة علمية وانتقال معرفي اختط لنفسه مسلكا آخر بنى عليه معرفة جديدة.
إذن لا مناص من استشعار النقص والغياب الذي ينُم عن تأزم معرفي تتبدى صورته في هذا التشخيص المزدوج:
الأول: تقديم خطاب الفكر الإسلامي مبتورا عن تأسيسه العلمي ومقدماته الكلية، فهو قول معزول عن أصوله المفهومية والمنهجية التي عرفتها مدارس الفكر الإسلامي، وهذا ناتج عن إغفال موضوع نظرية المعرفة في درس العلوم الإسلامية وتناول مباحثه بنوع من العمومية والاختزالية، وهذا ما نجده في تناول مصادر المعرفة وأدواتها…إلخ
الثاني: السطحية والتجزيئية لمشكلات الفكر الإسلامي والارتباك في مواجهة تحدياته، وهذا ناتج عن عقدة النَّقص التي ركبته بفعل الشعور بالتخلف عن التداول العلمي المعاصر وما أنتجه الفكر الحديث، فيلجأ أحيانا إلى تعويض هذا النقص بمحاولة التفاعل المتسرع بما يوحي بمعاصرته لما يُطرح، فيرتكب بدوره خطأ الوقوع في مصيدة التلفيق واضطراب القول، وأحيانا أخرى يعزز عزلته ملتفا حول ذاته، فيقع في خطأ آخر؛ وهو تعطيل عمل العقل وتُحرَّك العواطف لتعصف بالقول العلمي وتفتح باب التمذهب، فالتعصب، فالتمركز على الذات، فالانقياد للتطرف؛ الذي هو عنوان الهروب من حل المشكلة في الأخير.
وبما أن التأزم سمة تطرأ على الفكر الإنساني بين الفينة والأخرى، فإن أمر الانفكاك عنه وارد، وقد يكون لحظة تأمل لمكامن الوهن واستدراك لدواع النهوض من ثم يقظة الفكر من جديد وتحرّر العقل.
بين منطق الاستدراك ولحظة اليقظة يحاول هذا البحث (استكتاب جماعي) حمل عبء النظر والبحث في بسط موضوع نظرية المعرفة في الفكر الإسلامي المعاصر وفق تحليل دقيق لبنيته المفهومية بمنهجية تنسجم مع طبيعة موضوع المعرفة في التداول الإسلامي بما تحمله من تعقيد وتشابك، تفرض على الذات الدارسة التحلي بالموضوعية الكاسرة لقيود التمذهب وأغلال الانتماء الإيديولوجي.
-التعرف عل بنية المعرفة في الفكر الإسلامي وسيرورتها التاريخية، ورصد عوامل التراكمية والثورية داخلها، وبيان دواع التأزم منهجيا وموضوعيا.
-فقه أسس نظرية المعرفة الإسلامية وأبعادها الغائية والمقصدية.
-إبراز خصوصية مبحث نظرية المعرفة في التداول الإسلامي من حيث فهم الذات الإنسانية والحياة الكونية وتفسير القضايا الكلية للعلاقة بين الإنسان والوحي والوجود.
-الكشف عن هندسة المعرفة الإسلامية وآليات التداخل المعرفي بين العلوم الإسلامية وحدود وضوابط التفاعل مع المعرفة الإنسانية تقريبا وتوظيفا.
-النظر في الشرخ الحاصل بين التنظير في المعرفة الإسلامية والواقع؛ من حيث التنزيل والمرافقة والتمثل.
-المحور الأول: نظرية المعرفة في الفكر الإسلامي: المفهوم والمنهج
أ- نظرية المعرفة الإسلامية وسؤال المرجعية.
ب- مناهج نظرية المعرفة الإسلامية وتطبيقاتها.
-المحور الثاني: موقع نظرية المعرفة الإسلامية ضمن دائرة المعرفة الإنسانية.
أ-نظرية المعرفة الإسلامية والمعرفة الإنسانية: قراءة منهجية لأطر الخصوصية وأسس التفاعل.
ب-المقارنة بين نظرية المعرفة في الفكر الإسلامي والفكر الغربي.
المحور الثالث: مذاهب نظرية المعرفة في الفكر الإسلامي في القديم والحديث: مدارس ونماذج ومدونات.
أ-مذاهب القدماء في نظرية المعرفة: المتكلمين(المعتزلة–الأشاعرة–الماتريدية)-المدرسة الفلسفية–الحكمة المتعالية– المدرسة الصوفية.
ب-مذاهب المعاصرين في نظرية المعرفة: مالك بن نبي- طه عبد الرحمن-عبد الوهاب المسيري –باقر الصدر …إلخ
ج-التصنيف في نظرية المعرفة عند علماء الإسلام في القديم والحديث: نقد وتقويم.
المحور الرابع: دور المؤسسات البحثية المختصة في الدراسات الإسلامية في تطوير درس المعرفة الإسلامية: نماذج ومشاريع رائدة.
الالتزام بأحد محاور الكتاب.
الملف المرفق: https://drive.google.com/file/d/1Y0upNdp-5rMdzIcerSMy2Zv7BMG8zEPO/view?usp=sharing
الإسم واللقب | مؤسسة الانتماء |
أ.د الحاج أوحمنة دواق | جامعة باتنة-الجزائر |
أ.د خليفي الشيخ | جامعة تلمسان-الجزائر |
ا.د شوقي الزين | جامعة تلمسان-الجزائر |
أ.د حبيب صافي | جامعة وهران-الجزائر |
أ.د زوبيدة بن ميسي | جامعة باتنة-الجزائر |
أ.د زهير الخويلدي | جامعة القيروان-تونس |
أ.د أحمد بوعود | جامعة عبد المالك السعدي-المغرب |
د. ناجم مولاي | جامعة الأغواط -الجزائر |
د. خالد مرزوق | جامعة خميس مليانة-الجزائر |
د.عصام بوشربة | مركز البحث(crsic)-الجزائر |
د.عباس بوطبل | مركز البحث(crsic)-الجزائر |
د.عمر بن عيشوش | مركز البحث(crsic)-الجزائر |
د.محمد الفاروق عاجب | مركز البحث(crsic)-الجزائر |
د.هارون الرشيد بن موسى | مركز البحث(crsic)-الجزائر |
د.عبد الجليل بن الطيب | مركز البحث(crsic)-الجزائر |
د.مسعود بن علية | مركز البحث(crsic)-الجزائر |
د.عمر لحرش | مركز البحث(crsic)-الجزائر |
د. حدة عاشوري | مركز البحث(crsic)-الجزائر |
د. خليل شايب | جامعة الأمير عبد القادر-الجزائر |
د.خرشوش عبد المجيد | جامعة الأمير عبد القادر-الجزائر |
د.عبد الجليل بن سالم | جامعة تلمسان-الجزائر |
د.زكريا سعيدي | جامعة تلمسان-الجزائر |
إشراف وتحرير: أ. عصام بوشربة
الملتقى الثامن للرواية العربية: المرآة (miroir ) في الأدب والفكر والنقد الورقة العلمية ترتبط بـ"المرآة"- في "معجم الرموز" (Dictionnaire des…
ضع إعلانك هنا .. وتتم مشاركته في صفحاتنا التواصلية .. أكثر من 220 ألف مشترك أكثر من عشرة ملايين مشاهدة…
المؤتمر الدولي للدراسات العربية والحضارة الإسلامية - ICASIC المؤتمر الدولي للدراسات العربية والحضارة الإسلامية أهداف المؤتمر الدولي للبحوث المؤتمر الدولي…
التعريف بالملتقى الدولي: خمسة قرون مرت على إنشاء أول مطبعة عربية في أوروبا - وفق أكثر الباحثين - وهي المطبعة…