المؤتمر الدولي للعلوم الاجتماعية والفنون والعلوم الإنسانية (ICSAH) ينظم المؤتمر الدولي للعلوم الاجتماعية والفنون والعلوم الإنسانية (ICSAH) في الفترة من…
لعلّنا إذا استعرنا قول حنا مينة في عشقه البحر، ووسّعنا المدونة الأدبيّة عامّة والسّردية على وجه التخصيص فإننا لا نجانبُ الصواب إذا قلنا: كان البحر وما يزال مصدر إلهام عددٍ غير قليل من الأدباء والروائيين، بلّلت مياهه حروفَ شعرهم ونثرِهم حتّى إذا نادى القراء: يا بحر! هبّوا: نحن البحر، فيه ولدنا وفيه نرغبُ أن نموتَ.
لقد كان البحر “سيّد الوجود”، ركبت شخصياتُ السرد، في السّيرِ والقصص والرواياتِ، صخبَ موجه، وارتادت غامضَ مجهولِه، وحطت على رملِ سواحله في رحلة العودةٍ، غانمة أو خائبةً.
وكان “سيّد الخطاب”، ارتوى الحرفُ بدفق مائه وتلوّنت الصورةُ بألوان سحره وتاهت الفكرةُ في عميق دلالاتِه، فجمع على نحو مدهشٍ بين معاني الشجاعة والخوف والأمل والألم والكرم والغدر والحياة والموت.
كان البحر فضاءً واسعا، واستعارة كبرى احتضنت تجربة الواقعِ وتجريبَ الخيالِ، في ثنايا خطابٍ ظلّ يتدفق مرّة في صمتٍ وأخرى هائجا، يغذّي مدوّنة الأدب وتمثّلاتِ قرائه بوجوه أخرى، شديدة التنوّع، من مغامرة الإنسانِ في حلّه وترحاله بين تضاريس الطبيعة صحراء وسهولا ومحيطاتٍ، وفي صعوده وهبوطه بين شعاب الثقافة حسّا وعواطفَ وخيالاتٍ.
ولعلّ عودةً، وإنْ سريعة، إلى روايات مثل ” عمال البحر” لفيكتور هيجو، (1866) و” العجوز والبحر” لهيمنغواي (1952) و”بحار غريق” لغابرييل ماركيز (1970)، و” البحر ينشر ألواحه” لمحمد صالح الجابري(1971)، و”وليمة لأعشاب البحر” لحيدر حيدر (1983) و”البحر المحيط” لألساندرو باريكو (1993)، و”كاتدرائية البحر”لإلديفونسو فالكونس (2006) و”الشراع والعاصفة” لحنا مينة (2006) و”الجزيرة تحت البحر” لإيزابيل الليندي (2009) و” النجدي” لطالب الرفاعي (2017) وغيرها من الرّوايات التي لا يحصيها عدّ، إضافة إلى سردياتٍ تراثية في أدب الرحلات ، وأخرى حديثة في أدب الأطفال .. تكشفُ لنا كلّها عن تنوع وجوه سرد البحر وتعدّد دلالاتِها النفسية والأنثربولوجية والسياسية والفنّية، وعن ثراء رمزيتها وانفتاحِها.
ومثلما سحرَ البحرُ الرواةَ والرّوائيين، مصدرَ الهامٍ وفضاءَ أحداثٍ وقناعَ أفكار، فتن كذلك القراءَ والنقادَ، فاقتفوا أثرَ حضوره في المتونِ، وخاضوا في ما يثير “عالم البحر”، ماء وأشرعة وأصدافا وطحالب وجنّيات وجثث غرقى..، من قضايا فنّية وفلسفيّة وثقافية بأدواتٍ في التحليلِ والتأويلِ متباينة ومتقاطعة في آن، لسانيةٍ وسيميائيةٍ ونفسيةٍ وتاريخيةٍ وأنثربولوجيّةٍ وتداوليّةٍ ..
ولمّا كانت بعضُ النصوص السردية خالصةً للبحر فكان موضوعَها الأساسيّ، في حين كان في أخرى عرضيا، فإنّ الذي يهمّنا في ندوتنا هذه :” السرد والبحر” هو بالأساسِ المدونة السرديّة التي كان فيها البحرُ موضوعًا مركزيّا وفضاءً موجّها واستعارة جامعة، والتي لا شكّ أنّ صورة البحر فيها لم تكن واحدةً حكايةً وخطابًا، بقدر ما كانت وجوها تلتقي تحت وطأة المرجع ولكنها تفترق بفعل ذاتية الإنشاء وفرادة التصويرِ.
وفي ضوء ما تقدّم ندعو الباحثين والباحثات للمشاركة ونوجّه عنايتهم إلى أنّ غاية الندوة الاشتغال على المدونة السّردية القديمة والحديثة، العربية والأجنبيّة، التي كان فيها البحرُ موضوعا أساسيّا، وقصدا مركزيّا، بحثا في القضايا التالية:
غايتنا من هذه الدّورة أنْ نساهم بهذه الدراساتِ في إضاءة جانب من المدونة السردية ، نعتقد أنه لم يأخذ حظّه بعدُ تنقيبا وتحليلا، فنضيفُ إلى المكتبة العربيّة مؤلّفا يحتاجه القارئ والباحثُ.
جمعيّة الرّابطة القلميّة بمدنين (الجمهوريّة التّونسيّة) بدعم من وزارة الشّؤون الثّقافيّة التّونسيّة والمندوبيّة الجهويّة للثّقافة بمدنين ومن بلديّة مدنين، وبالتّعاون مع المعهد الوطني للتّراث ومعهد المناطق القاحلة بمدنين ومعهد الفنون والحرف بتطاوين والمعهد العاليّ للّغات بقابس، وبالتّنسيق مع وحدة بحث الظّاهرة الدّينيّة بكليّة الآداب منّوبة ومدرسة الدّكتوراه بالقيروان.
د. رضا الأبيض
المؤتمر الدولي للعلوم الاجتماعية والفنون والعلوم الإنسانية (ICSAH) ينظم المؤتمر الدولي للعلوم الاجتماعية والفنون والعلوم الإنسانية (ICSAH) في الفترة من…
جائزة المنهاج النبوي - الدورة الثانية جائزة المنهاج النبوي - الدورة الثانية تشجيعا للباحثين والباحثات في الفكر الإسلامي التجديدي، ورغبة…
الملتقى العلمي الأصول والمقاصد: من أجل تسديد النظر الشرعي للقضايا المعاصرة الملتقى العلمي للأصول والمقاصد: تحت شعار: "الأصول والمقاصد: من…
الملتقى العاشر للسّرديات: السرد والانفعالات الملتقى العاشر للسّرديات: السرد والانفعالات تنظم جمعية الرابطة القلمية بمدنين، بالتعاون والتنسيق مع المعهد العالي…