التعريف بالملتقى الدولي: خمسة قرون مرت على إنشاء أول مطبعة عربية في أوروبا - وفق أكثر الباحثين - وهي المطبعة…
تُنبِّه بنيةُ العطف في “السرد” و”التأويل” لمجاليْن مختلفيْن تماماً؛ أحدُهما، وهو السرد، يحيل على الإنشاء أو الإبداع، في حين يحيل التأويل على القراءة والفهم. لكنّ الجمعَ بينهما جمعَ عطفٍ يقتضي البحثَ عن القاسِم المشترَك بين مكوّنيْ العطف هذيْن. ويبدو أنّه موجودٌ فعلاً في مستوى قراءة السرد. أتكون قراءتُه محايثةً مكتفيةً بذاتها أم تنفتح على عالم الثقافة الأوسَع؟ وفي الميل إلى الانفتاح مقتضياتٌ وأصولٌ لا بدّ من رعايتها. وفي ما بين السردِ إنشاءً والتأويل قراءةً يحضرُ بعدٌ مهمٌّ هو “القصديّة”.
فهل نبحث في السرد الذي أنشأه منشئه لنبلغ الدلالة التي قصدها وضمِنَها أم هل نتحلّل من قيود القصديّة لنَفسَح المجال واسعاً لتأويل النصّ حسب ما نهوى مقيّدين فقط بإكراهات العلامات النصّيّة شكلَ ورودٍ وغايةَ عرضٍ وطابعَ جنس؟ ومتى تأكّدنا ألاّ ضمانَ للمنشئ في الدلالة التي يرغب في إعطائها لنصّه باتت القصديّة نسياً منسيّاً. وبذلك تتحوّل العلاقة الثنائيّة القائمة بين معطوفٍ ومعطوفٍ عليه إلى علاقة ثلاثيّة فيها السردُ إنشاءً والقصدُ أو عدمُه دلالةً والتأويلُ تلقّياً.
وعندما نتكلّم على السرد تحضر في أذهاننا الدراساتُ الكثيرةُ التي برّزت فيها مدرسةُ باريس السيميائيّة في ستّينات القرن الماضي عندما أحيت نصوصَ الشكلانيّين الروس وطوّرت مقولاتهم. فمن ميز لدى الشكلانيّين بين متن حكائيّ ومبنى حكائيّ إلى تقسيم ثلاثيّ بين خطاب وحكاية وسرد مأخوذ لذاته. وهذا السرد المأخوذ لذاته هو نقيضٌ للوصف. وطوّر غريماس(Greimas) الإحدى والثلاثين وظيفةً لدى بروب (Propp) إلى قوًى فاعليّةٍ تسمّى “فواعل”وتتشكّل في ثلاثة أزواج هي الموضوع/الذات، والمرسِل/المرسَل إليه، والمساعد/المعارض.
واختلف سرديّون آخرون بين بنية ثلاثيّة للقصّة (بريمون Bremond) وأخرى خماسيّة (لاريفاي Larivaille وتودوروفTodorov). وابتُدِع لفظُ “السردية” لبيان ما به يكون النصّ سرديّاً. فالخطابات تتشابه؛ ولكنّ ما به يتميّز الخطاب السرديّ من سواه علاماتٌ تهمّ أزمنة الفعل وصيَغ التقديم والتسلسل الزمنيَّ والتحوّل الحدثيّ. وما يميّز السرد كذلك قيامُ راوٍ بنقل أفعال الشخصيّات وأقوالها ووصف أحوالها؛ وهو ما يناقض، من هذه الناحية، الخطابَ المباشرَ (خطاب المسرح المنتمي إلى المحاكاة). على أنّ هذا الميز بين سرد محض (Diégésis) ومحاكاة (Mimésis) كثيراً ما تلتفّ عليه الرواية.
وانتباه السرديّين لهذه الخصائص المميّزةِ للقصّة فتَحَ أعينهم على معضلة سببها مبالغتُهم في النظر في النصّ السرديّ منغلقاً على ذاته وقطعُ كلّ صلة تربطه بما حوله اجتماعيّاً وثقافيّاً ونفسيّاً وما إليه. ويعود الفضل في الانتباه لهذه المعضلة إلى مدرسة التلقّي التي عُنِيت بالنصّ الأدبيِّ التخييليِّ عنايتَها بغيره من النصوص ونبّهت لاختلاف المتلقّين في تقويم الآثار الأدبيّة.
وههنا اتّضح لمنظّري الأدب أنْ لا سبيل إلى الاكتفاء بالتحليل المحايث للنصّ منغلِقاً على ذاته، وأنّ انفتاح هذا التحليل على عالم الثقافة واجبٌ. ولا يتمّ ذلك من دون التأكّد من أنّ دلالة أثرٍ ما ليست دلالةَ المؤلِّف بل الدلالةُ التي ينشئها القارئ. ومعظم الاختصاصات التأويليّة تندرج في إطار ما يسمّى “مضادّة النزعة القصديّة” (Anti-intentialisme).
وهذه الاختصاصات هي التحليل النفسيّ والتحليل الإيديولوجيّ (الماركسيّ) والتفكيكيّة والسيميائيّة. وجميعُها تقرّ بأطروحة الصبغة غير المحدّدة للدلالة. إلاّ أنّ مضادّة النزعة القصديّة تحمل في ذاتها إشكالاً مفاده أنّها ترفض ذاتيّاً ذاتَها. فإن كانت دلالة النصّ ليست تلك التي أعطاها إيّاه مؤلِّفُه فدلالة الملفوظ الذي يخبر عن هذه الأطروحة ليست هي أيضاً تلك التي أعطاها إيّاه مؤلِّفُه، بل هي تلك التي أعطاها أيُّ قارئ مهما تكن هذه الدلالة.
ولتلافي هذا الوضع المجحف قصر كثيرٌ من مضادّي النزعة القصديّة أطروحة افتقار القصديّة إلى وجاهة على الآثار الأدبيّة دون سواها. وهو ما يعني أنّ للنصّ الأدبيّ والسرديّ منه تخصيصاً خصوصيّةً أُنطولوجيّةً. وبذا يتأكّد أنْ ليس بإمكان الدلالة النصّيّة أن تكون نشاطاً محايثاً خالصاً. ففهمُ النصوص يفترض بدوره معارفَ من قبيل التاريخيّ والاجتماعيّ والشعريّ.
وفي التفاعل القارّ بين تحليل للنصّ محايثٍ وخلفيّة معرفيّة يوجَد المظهرُ الأهمّ لما ندعوه عادةً “الدائرة الهرمينوطيقيّة” (Cercle herméneutique). وفهم النصوص مستحيلٌ من دون تشغيل الخلفيّة المعرفيّة تاريخيّةً وأجناسيّةً، في وقت تكون فيه المعرفة التي لدينا عن هذه الخلفيّة وعن الإكراهات الأجناسيّة مستخرَجَةً من النصوص.
وفي الدائرة الهرمينوطيقيّة يتميّز مجالُ الإنسانيّات من مجال الطبيعيّات. وهو التميّز الذي نصوغه عادةً صياغةَ التقابل بين فهم (Compréhension) وتأويل (Interprétation). وإعادة بناء الدلالة في نصٍّ مّا لا يسعها إلاّ أن تكون ذاتَ طابعٍ رُجْحَانيّ؛ على اعتبار أنْ ليس لنا دخولٌ مباشِرٌ للحالات القصديّة. فالدلالة لا تكون البتّة معطاةً في الملفوظ. وإعادةُ المتلقّي بناءَها واجبةٌ انطلاقاً من الإشارة المادّيّة التي تمثّلها السلسلة القوليّة.
ومأتى ارتباط الدلالة بالقارئ لا بالمؤلِّف من طبيعة اللغة، المادّةِ التي منها يَنتُج السردُ. فاللغة معوجّةٌ ملتبسةٌ ذاتُ معنىً مزدَوَج. ومجالُ ازدواج المعنى هو الرمز والظواهر الدينيّة والأساطيرُ وغيرُها. وفهمُ المعنى المزدَوَج هو الذي يُدعى “تأويلا”. ثمّة تعابيرُ ذاتُ دلالةٍ واحدةٍ وتعابيرُ ذاتُ دلالاتٍ متعدّدة. والازدواجُ المشارُ إليه قائمٌ في العلامة دالاّ ومدلولاً قيامَه في قصديّتها محسوسةً ونفسيّةً. ويفترض التأويل أن تكون الدلالاتُ غيرَ مباشرة. وليس بالإمكان بلوغُ الأشياء إلاّ بإضفاء معنى على معنى.
بذا يبرز لنا أنّ علاقة العطف الثنائيّة قد اتّخذت بحكم الكلام على مضادّة القصديّة لدى المؤلّف ثلاثة أبعاد هي التي نرغب من
المشاركين في الندوة الوقوف عليها:
· مجال السرد تُحلَّل محتوياتُه ويُنظَر في خطابه في ضوء نتائج البحوث النظريّة للسرديّات شكلانيّةً وسيميائيّةً وإنشائيّةً
وتلفّظيّةً وتداوليّةً واستدلاليّةً وما إليها.
· مجال التأويل بما هو الانفتاح على عالم الثقافة والتاريخ اعتماداً على العلامات الواردة في النصوص.
· مجال القصديّة أو مضادّتها وقد تلبّست بالنصّ السرديّ ممّا أنشأه القدامى والمحدثون، تخييليّاً كان أو وقائعيّاً منتمياً إلى
عالم الطبيعة أو مجاوزاً إيّاه.
تاريخ الإعلان عن الملتقى: 15، 08، 2019
آخر أجل لاستقبال الملخصات:10نوفمبر 2019
الرّد على الملخّصات: 30نوفمبر 2019
آخر أجل لاستقبال المداخلات كاملة : 29 فيفري 2020.
تاريخها : 04/05/ أفريل 2020.
الالتزام بالآجال المحددة لإرسال الملخّصات، والمداخلات في حال القبول.
ألاّ يزيد عدد كلمات الملخّص عن (500) كلمة.
ألا يزيد عدد صفحات المداخلة عن عشرين (20) صفحة، وألّا يقل عن خمس عشرة (15) صفحة.
– هذا وتتكفل جمعية الدراسات الأدبية والحضارية بمدنين بالسّكن والغذاء والتنقل داخل محافظة مدنين، و تشرف لجنة علمية من وحدة الدراسات السردية / مخبر السرديات والدراسات البينية بكلية الآداب جامعة منوبة تونس، ومخبر المناهج التأويلية كلية الآداب جامعة صفاقس تونس على قراءة الملخصات والأبحاث قبل تقديمها في الندوة وقبل نشرها.
جمعية الدراسات الأدبية والحضارية بمدنين ( تونس ) بالتعاون مع مخبر السّرديات والدّراسات البينيّة بكلية الآداب، جامعة منوبة تونس ومخبر المناهج التأولية بكلية الآداب بصفاقس ، جامعة صفاقس ، تونس.
الأستاذ نور الدين بن خود: الهاتف 0021699151161
الأستاذ بلقاسم مارس: الهاتف :0021698596322
الأستاذ مسعود لشيهب: 0021694622589
aelcmedenine@gmail.com
التعريف بالملتقى الدولي: خمسة قرون مرت على إنشاء أول مطبعة عربية في أوروبا - وفق أكثر الباحثين - وهي المطبعة…
المؤتمر الدولي للفنون والآداب (ICAL-2023) عن المؤتمر: سيوفر المؤتمر الدولي للفنون والآداب (ICAL-23) ، المقرر عقده في 4 أكتوبر 2023…
الندوة الدولية الثالثة لربيع العلوم الاجتماعية: الهجرة وحوار الأديان ممكنات وتحديات محاور الندوه الهجره وحوار الاديان مداخل مفهوميه وابيستمولوجيه الهجره…
الملتقى العاشر للسّرديات: السرد والانفعالات الملتقى العاشر للسّرديات: السرد والانفعالات تنظم جمعية الرابطة القلمية بمدنين، بالتعاون والتنسيق مع المعهد العالي…